للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، فلا يصدق عليه أنه معهم بهذا القسط، وهذا كما نفى اللَّه ورسوله الإيمان المطلق عن الزاني والشارب والسارق والمنتهب بحيث لا يستحق اسم المؤمن، وإن لم ينتف عنه مطلق الاسم الذي يستحق لأجله أن يقال: معه شيء من الإيمان، [وهذا] (١) كما أن اسم الفقيه والعالم عند الإطلاق لا يقال لمن معه مسألة أو مسألتان من فقه وعلم، وإن قيل: معه شيء من العلم.

[[المعية المطلقة ومطلق المعية]]

ففرقٌ بين المعية المطلقة ومطلق المعية (٢)، ومعلوم أن المأمور به الأول لا الثاني (٣)، فإن اللَّه تعالى لم يرد منَّا أن نكون معهم في شيء من الأشياء وأن نحصلَ من المعية ما يطلق عليه الاسم (٤)، وهذا غلط عظيم في فهم مراد الرب [تعالى] (٥) من أوامره؛ فإذا أمرنا بالتقوى والبر [والصبر] (٦) والصدق والعفة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد ونحو ذلك لم يرد منا أن نأتي من ذلك بأقل ما يطلق عليه الاسم وهو مطلق الماهية المأمور بها بحيث نكون ممتثلين لأمره إذا أتينا بذلك، وتمام تقرير هذا الوجه بما تقدم في تقرير الأمر بمتابعتهم سواء.

[[هم أمة وسط]]

الوجه التاسع: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا] (٥)} [البقرة: ١٤٣]، ووجه الاستدلال بالآية أنه


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) المعية المطلقة هي التامة المستكملة لجميع مقتضياتها ومطلق المعية: كل ما يطلق عليه اسمها، ولو كان مختلًا أو ناقصًا أو مدخولًا (س).
قلت: وانظر: "شفاء العليل" (ص ٣٥٦).
(٣) ما أمر اللَّه به هو المعية الجامعة لكل المقتضيات والفرائض، ولو كان المراد مطلق المعية لما كان من فائدة في تخصيصها بالصادقين من الصحابة، ولكان أصحاب المناهج الضالة كالخوارج والمعتزلة والرافضة والجهمية، بل أصحاب النحل الخارجة عن الإسلام متصفة بها لأنهم لا يخلون من الإتصاف بمطلق المعية، فالذمة لا تبرؤ إلا بالمعيّة المطلقة والنقص فيها إثم إلا أن يعفو اللَّه (س).
(٤) قال (د): "في نسخة: "ما يصدق عليه الاسم"".
قلت: وهو المثبت في (ق) و (ك).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>