للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقبل إقرار المريض لوارثه، ولا يصح هذا البيع؛ ولا سيما (١) فإن إقرار المرء شهادة على نفسه، فإذا تطرق إليها التهمة بطلت كالشهادة على غيره. والشافعي رحمه اللَّه يقول: أقبل إقراره إحسانًا للظن بالمقر، وحَمْلًا لإقراره على السلامة، ولا سيما عند الخاتمة.

ومن هذا الباب احتيال المرأة على فَسْخِ نكاح الزوج بما يُعلمه إياها أربابُ المكر والاحتيال، بأن تنكر أن تكون أذِنَتْ للوليّ، أو بأن النكاح لم يصح لأن الولي أو الشهودَ [جلسوا] (٢) وقت العقد على فراش حرير، أو استندوا إلى وسادة حرير. وقد رأيتُ مَنْ يستعمل هذه الحيلة إذا طلق الزوجُ امرأته ثلاثًا، وأراد تخليصه من عار التحليل وشَنَاره أرشده إلى القدْح في صحة النكاح بفسق الولي أو الشهود، فلا يصح (٣) الطلاق في النكاح الفاسد، وقد كان النكاح صحيحًا لما كان مقيمًا معها عدة سنين، فلما أوقع الطلاق الثلاث فسد النكاح.

ومن هذا احتيال البائع على فسخ البيع بدعواه أنه لم يكن بالغًا وقت العقد، أو لم يكن رشيدًا، أو كان محجورًا عليه، أو لم يكن المبيع ملكًا له ولا مأذونًا له في بيعه.

فهذه الحيل وأمثالها لا يستريب مُسْلم في أنها من كبائر الإثم وأقبح المحرَّمات، وهي من التلاعب بدين اللَّه، واتخاذ آياته هزوًا، وهي حرام من جهتها في نفسها لكونها كذبًا وزورًا، وحرام من جهة المقصود بها، وهو إبطال حق وإثبات باطل.

[[الحيل المحرمة على ثلاثة أنواع]]

فهذه ثلاثة أقسام:

أحدها: أن تكون الحيلة مُحرَّمة ويُقصد بها المحرَّم.

الثاني: أن تكون مباحة في نفسها ويُقصد بها المحرم؛ فتصير حرامًا تحريمَ الوسائلِ كالسفر لقطع الطريق وقتل النفس المعصومة.

وهذان القسمان تكون الحيلة فيهما موضوعة للمقصود الباطل المحرم، ومُفْضِية إليه، كما هي موضوعة للمقصود الصحيح الجائز ومفضية إليه؛ فإن السفر طريق صالح لهذا وهذا.


(١) في (و): "لا سيما".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٣) في (ن) و (ك): "فلا يقع".

<<  <  ج: ص:  >  >>