للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يضُمِّن منافع الغصب -وهم الجمهور كأبي حنيفة (١) ومالك (٢) وأحمد (٣) في إحدى الروايتين عنه وهي أصحهما دليلًا- فظاهر، وأما مَنْ يُضَمِّنُ الغاصبَ كالشافعي (٤) وأحمد (٥) في الرواية الثانية فلا يتأتى تضمين هذا على قاعدته؛ فإنه ليس بغاصب، وإنما استوفى المنفعة بحكم العقد، فإذا تبين أن العقد باطل وأن البائع غَرَّه لم يجب عليه ضمان، فإنه إنما دخل على أن ينتفع بلا عوض، وأن يضمن المبيع بثمنه لا بقيمته؛ فإذا تلف المبيع بعد القبض تلف من ضمانه بثمنه، فإذا انتفع به انتفع [به] (٦) بلا عوض؛ لأنه على ذلك دَخَلَ، ولو قُدِّر وجوب الضمان فإن الغارّ هو الذي يضمن؛ لأنه تسبب إلى إتلاف مال الغير بغروره، وكل من أتلف مال غيره بمباشرة أو سبب فإنه يضمنه [ولا بد] (٧). ولا يقال: المشتري هو الذي باشر الإتلاف، وقد وُجِدَ متسبب ومباشر، فيحال الحكم على المباشر؛ فإن هذا غلط محض هاهنا؛ فإن المضمون هو مال المشتري الذي تلف عليه بالتضمين، وإنما تلف بتسبب الغارِّ، وليس هاهنا مباشر يحال عليه الضمان.

[اعتراض وردُّه]

فإن قيل: فهذا (٨) إنما يدل على أنَّا إذا ضمنا المغرور رجع على الغارّ (٩)،


(١) "تبيين الحقائق" (٥/ ٢٣٤)، "المبسوط" (١١/ ٧٩)، "مجمع الضمانات" (١٢٩)، "الأشباه والنظائر" (٢٨٤)، "تخريج الفروع على الأصول" (١١٠) للزنجاني، "التلويح على التوضيح" (٢/ ٩٨)، "تأسيس النظر" (٦٢، ٦٣)، "إعلاء السنن" (١٦/ ٣٣٧)، "درر الحكام" (٢/ ٢٦٧ - ٢٦٨)، "ضمان المنافع" (٧) للخفيف، "ضمان المنافع" (٢٥٥)، للدبو، "التعويض عن الضرر" (١٨٠).
(٢) "المدونة" (٤/ ١٨٥)، "التفريع" (٢/ ٢٧٦)، "الرسالة" (٢٣٣)، "بداية المجتهد" (٢/ ٣١٩)، "الكافي" (٤٣٥)، "الذخيرة" (٨/ ٢٩٤ - ٢٩٦)، "الإشراف" (٣/ ١٢٤ مسألة ٩٨٠ - بتحقيقي) وتعليقي عليه.
(٣) "المغني" (٥/ ١٩٥)، "الإنصاف" (٦/ ١٧٠).
(٤) "الأم" (٣/ ٢٢٢)، "مختصر المزني" (١١٧)، "المهذب" (١/ ٣٦٧، ٣٧٤)، "الوجيز" (١/ ٢١٤)، "المنهاج" (٧١)، "حلية العلماء" (٥/ ٢١٠)، "روضة الطالبين" (٥/ ١٤)، "قواعد الأحكام" (١/ ١٥٥)، للعز، "مغني المحتاج" (٢/ ٢، ٢٨٦)، "إخلاص الناوي" (٢/ ٣٢١ - ٣٢٢).
(٥) انظر مصادر الحنابلة السابقة.
(٦) ما بين المعقوفتين من (ك) و (ق).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٨) في (ق): "وهذا".
(٩) في المطبوع: "فهو يرجع على الغار".

<<  <  ج: ص:  >  >>