للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن يؤجِّرها لولده أو امرأته، [ويكتم ذلك] (١)، ثم يؤجرها من شخص آخر، فإن ارتفع الكِرَى أخرج الإجارة الأولى، وفسخ إجارة الثاني، وإن نقص الكِرَى أو استمر أبقاها.

ومنها: أن يرهن داره أو أرضه، ثم يبيعها ويأخذ الثمن فينتفع به مدة، فمتى أراد فسخ البيع واسترجاع المبيع أظهر كتاب الرَّهْن.

وأمثال هذه العقارب التي يأكل بها أشباهُ العقارب أموالَ الناس بالباطل، ويمشيها لهم مَنْ رَق علمه ودينه ولم يراقب اللَّه تعالى ولَم يَخف مقامه تقليدًا لمن قلد قوله في تضمين المقبوض بالعقد الفاسد تضمين الغاصب [تقليدًا لمن يقلده] (٢)؛ فيجعل قوله إعانة لهذا الظالم المعتدي على الإثم والعدوان، ولا يجعل القول الذي قاله غيره إعانة للمظلوم على البر والتقوى، وكأنه أخذ بشق الحديث وهو: "انْصُرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا" (٣) واكتفى بهذه الكلمة دون ما بعدها، وقد أعاذ اللَّه أحدًا من الأئمة من تجويز الإعانة على الإثم والعدوان، ونَصْر الظالم، وإضاعة حق المظلوم جهارًا. وذلك الإمام وإن قال: "إن المقبوضَ بالعقد الفاسدِ يُضمن ضمان المغصوب" فإنه لم يقل: إن المقبوض به على هذا الوجه -الذي هو حيلة (٤) ومكر وخداع وظلم محض للمشتري وغرور له- يوجب تضمينه وضياع حقه وأخذ ماله كله وإيداعه في الحبس على ما بقي وإخراج الملك من يده، فإن الرجل قد يشتري (٥) الأرض أو العَقَار وتبقى في يده مدة طويلة تزيد أجرتها على ثمنها (٦) أضعافًا مضاعفة، فيؤخذ منه العقار، ويُحْسَب عليه ثمنه من الأجرة، ويبقى الباقي بقدر الثمن مرارًا، فربما أخذ ما فوقه وما تحته وفضلت عليه فَضْلة فيجتاح الظالمُ الماكرُ ماله ويَدَعُه على الأرض الخالية، فحاشا إمامًا واحدًا من أئمة الإسلام أن يكون عَوْنًا لهذا العقرب الخبيث على هذا الظلم والعدوان، والواجبُ عقوبةُ مثل هذا العقوبَةَ التي تَرْدَعه عن لَدْغ الناس والتحيل على استهلاك أموال الناس، وأن لا يمكَّن مِنْ طَلَبِ عوض المنفعة. أما على أصل مَنْ لا


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).
(٣) رواه البخاري (٢٤٤٣ و ٢٤٤٤) في (المظالم): باب أعن أخاك ظالمًا أو مظلومًا و (٦٩٥٢) في (الإكراه): باب يمين الرجل لصاحبه أنه أخوه. . .، من حديث أنس بن مالك.
ورواه مسلم (٢٥٨٤) في (البر): باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا، من حديث جابر.
(٤) سقط من (ق).
(٥) في (ك): "شرى".
(٦) في (ن): "ثمنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>