للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب والسنة والقياس الجلي، وكل قول سوى ذلك فمخالف للنصوص مناقض للقياس، وكذلك في مسائل غير هذه مثل مسألة ابن المُلَاعِنَة ومسألة ميراث المرتد، وما شاء اللَّه من المسائل، لم أجد أجْود الأقوال إلا أقوال الصحابة، وإلى ساعتي هذه ما علمت قولًا قاله الصحابة ولم يختلفوا فيه إلا كان القياس معه، لكن العلم بصحيحِ القياسِ وفاسدِه من أجَلِّ العلوم، وإنما يَعرف ذلك من كان خبيرًا بأسرار الشرع ومقاصده، وما اشتملت عليه شريعة الإِسلام من المحاسن التي تفوق التعداد، وما تضمنته من مصالح العباد في المعاش والمعاد، وما فيها من الحكمة البالغة والنعمة السابغة والعدل التام، واللَّه أعلم، انتهى.

فصل [مسألة الزُّبية]

ومما أشكل على كثير من الفقهاء من قضايا الصحابة وجعلوه من أبعد الأشياء عن القياس مسألة التزاحم، وسقوط المتزاحمين في البئر، وتسمى مسألة الزُّبْيَة (١).

وأصلُها أن قومًا من أهل اليمن حفروا زُبْية للأسد؛ فاجتمع الناس على رأسها، فهوى فيها واحد، فجذب ثانيًا، فجذب الثاني ثالثًا، فجذب الثالث رابعًا، فقتلهم الأسد، فرُفِع ذلك إلى أمير المؤمنين [علي] (٢) كرَّم اللَّه وجهه [في الجنة] (٢) وهو على اليمن، فقضى للأول بربع الدية، وللثاني بثلثها, وللثالث بنصفها, وللرابع بكاملها (٣)، وقال: أجْعَلُ الدية على من حضر رأس البئر؛ فرفع ذلك إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "هُوَ كما قال". رواه سعيد بن منصور في "سننه": ثنا أبو عَوانة وأبو الأحْوَص، عن سِماك بن حرب، عن حَنَش الصَّنعانيِّ، [عن علي] (٤).


(١) انظر كلام المصنف -رحمه اللَّه- على مسألة الزبية، وبيان أنها على وفق القياس في: "زاد المعاد" (٣/ ٢٠١ - ٢٠٢).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من نسخة (ط).
(٣) في (ق): "بكمالها".
(٤) رواه أبو داود الطيالسي (١١٤)، وابن أبي شيبة (٩/ ٤٠٠) و (١٠/ ١٧٥)، والشافعي في "الأم" (٧/ ١٦٤)، وأحمد (٧٧/ أو ٢٨ أو ١٥٢)، وفي "فضائل الصحابة" (١٢٣٩، ١٢٤٠) وابن أبي عاصم في "الديات" (٢٨٣) والبزار (٧٣٢ أو رقم ١٥٣٢ - كشف الأستار)، ووكيع في "أخبار القضاة" (١/ ٩٥ - ٩٧ و ٩٧)، والطحاوي في "المشكل" =

<<  <  ج: ص:  >  >>