للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعصبته والمحامون دونه، وأما (١) قرابة الأم فإنهم بمنزلة الأجانب، وإنما ينتسبون (٢) إلى آبائهم، فهم بمنزلة أقارب البنات كما قال القائل (٣):

بنُونا بنُو أبنائِنا، وبناتُنا ... بنوهُنّ أبناءُ الرجال الأباعِدِ

فمن كمال حكمة الشارع أن جعل الميراث لأقارب الأب، وقدَّمهم على أقارب الأم، وإنما ورث معهم من أقارب الأم مَنْ ركضَ الميت معهم في بطن الأم، وهم إخوته (٤) أو من قربت قرابته جدًا وهن (٥) جداته لقوة إيلادهن وقرب أولادهن (٦) منه؛ فإذا عدمت قرابة الأب انتقل الميراث إلى قرابة الأم، وكانوا أولى من الأجانب فهذا الذي جاءت به الشريعة [أكملُ شيء] (٧) وأعْدلُه وأحسنُه.

[فصل [الفرق بين الشفعة وأخذ مال الغير]]

وأما قوله: "وحرم أخذ مال الغير إلا بطيب نفس منه، ثم سَلَّطه على أَخْذِ عقاره وأرضه بالشُّفعة، ثم شرع الشفعة فيما يمكن التَّخلص من ضرر الشركة فيه بالقسمة دون ما لا يمكن قسمته كالجوهرة والحيوان" فهذا السؤال قد أورده على وجهين:

أحدهما: على أصل الشُّفعة وأن الاستحقاق بها منافٍ لتحريم أخذ مال الغير إلا بطيب نفس منه.

والثاني: أنه خَصَّ بعض المبيع بالشفعة دون بعض مع قيام السبب الموجب للشفعة، وهو ضرر الشركة.

ونحن بحمد اللَّه وعونه نجيب عن الأمرين؛ فنقول:

[[ورود الشرع بالشفعة دليل على الحكمة]]

من محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد ورودها بالشفعة (٨)، ولا


(١) في (ق) و (ك): "فأما".
(٢) في (ق) و (ك): "ينسبون".
(٣) هو الفرزدق، والبيت في "ديوانه" (٢١٧) وذكره المصنف في "جلاء الأفهام" (٣٨٦، ٤٠٦ - بتحقيقي).
(٤) في المطبوع: "وهم أخواته".
(٥) في (ك): "وهي".
(٦) في (ك): "أولاد أمه".
(٧) بدل ما بين المعقوفتين في (ك) و (ق): "وهو أكمل كل شيء".
(٨) انظر: "إغاثة اللهفان" (١/ ٣٦٨)، و"تهذيب السنن" (٢/ ١٩٤، ٥/ ١٦٥ - ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>