للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الفرق بين حال الأئمة وحال المقلدين]]

الوجه السادس والستون: قولكم: "قال الشافعي -رضي اللَّه عنه-: رأيُ الصحابة لنا خير من رأينا لأنفسنا (١) [ونحن نقول ونَصْدق: رأي الشافعي والأئمة لنا خير من رأينا لأنفسنا] (٢) جوابه من وجوه.

أحدها: أنكم أول مخالف لقوله، ولا ترون رأيهم لكم خيرًا من رأي الأئمة لأنفسهم، بل تقولون: رأي الأئمة لأنفسهم خير لنا من رأي الصحابة لنا، فإذا جاءت الفُتيا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسادات الصحابة وجاءت الفُتيا عن الشافعي وأبي حنيفة ومالك تركتم ما جاء عن الصحابة وأخذتم بما أفتى به الأئمة، فهلَّا كان رأي الصحابة لكم خيرًا من رأي الأئمة لكم لو نصحتم أنفسكم.

[[فضل الصحابة وعلمهم]]

الثاني: أن هذا لا يُوجب [صحة] (٣) تقليد مَنْ سِوى الصحابة؛ لما خصَّهم اللَّه به من العلم والفهم والفضل والفقه عن اللَّه ورسوله وشاهدوا الوحي والتلقي عن الرسول بلا واسطة ونزول الوحي بلغتهم وهي غضة محضة لم تُشَبْ، ومراجعتهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أشكل عليهم من القرآن والسنة حتى يُجَلِّيه لهم؛ فمن له هذه المزية بعدهم؟ ومن شاركهم في هذه المنزلة حتى يقلَّد كما يقلَّدون فضلًا عن وجوب تقليده وسقوط تقليدهم أو تحريمه كما صَرَّح به غلاتُهم؟ (٤) وتاللَّه إن بَيْن علم الصحابة وعلم من قلَّدتموه من الفضل كما بينهم وبينهم في ذلك. قال الشافعي في "الرسالة القديمة" بعد أن ذكرهم وذكر من تعظيمهم وفضلهم: "وهم فوقنا في كل علم واجتهادٍ وورعٍ وعقلٍ وأمر استدرك به عليهم (٥)، وآراؤهم لنا أحمد وأولى [بنا] (٦) من رأينا، قال الشافعي: وقد أثنى اللَّه على الصحابة في القرآن والتوراة والإنجيل، وسَبقَ لهم من الفَضْل على لسان نبيهم ما ليس لأحد بعدهم"، وفي "الصحيحين" من حديث عبد اللَّه بن مسعود عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) صرح الشافعي بحجيَّة أقوال الصحابة في "الأم" (٧/ ٢٤٦)، و"الرسالة" (ص ٥٩٧ - ٥٩٨) ونقله عنه البيهقي في "المعرفة" (١/ ١٠٦) ط سيد صقر، وسينقل المصنف ذلك عنه فيما يأتي.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في (ق): "غلاتكم".
(٥) في (ق) و (ن) و (ك): "استدرك به علم"!!
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>