للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عن رسوله في تحريم أو تحليل أو إيجاب أو إسقاط أو خبر عنه باسم أو صفة نفيًا أو إثباتًا، أو خبرًا عن فعله؛ فالقول عليه بلا علم حرام في أفعاله وصفاته ودينه، ودخل في قوله {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥]، وجوبه في كل جرح يمكن القصاص منه، وليس هذا تخصيصًا، بل هذا (١) مفهومٌ من قوله: {قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وهو المماثلة، ودخل في قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] وجوب نفقة الطفل وكسوته ونفقة مرضعته على كل وارث قريبٍ أو بعيدٍ، ودخل في قوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] جميع الحقوق التي للمرأة وعليها، وأن مرد ذلك إلى ما يتعارفه الناس بينهم ويجعلونه معروفًا لا منكرًا، والقرآن والسنة كفيلان بهذا أتم كفالةٍ.

فصل الفرقة الثَّانية

قابلت هذه الفرقة، وقالت: القياس كُلُّه باطلٌ، محَرَّم في الدين، ليس منه، وأنكروا القياس الجلي الظَّاهر حتى فرقوا بين المتماثلين، وزعموا أن الشارع لم يشرع شيئًا لحكمة أصلًا، ونفوا تعليل خلقه وأمره، وجَوَّزوا -بل جزموا- بأنه يُفرّق بين المتماثلين، ويقرن بين المختلفين في القضاء [والشرع، وجعلوا كل مقدور فهو عدل، والظلم عندهم هو] (٢) الممتنع لذاته كالجمع بين النقيضين.

هذا (٣) وإن كان قاله طائفة من أهل الكلام المنتسبين إلى السنة في إثبات القدر، [وخالفوا القدرية والنفاة؛ فقد أصابوا في إثبات القدر وتعليق] (٤) المشيئة الإلهية بأفعال العباد الاختيارية كما تتعلق بذواتهم وصفاتهم، وأصابوا في إثبات (٥) تناقض القدرية النفاة، ولكن (٦) ردّوا من الحق المعلوم بالعقل والفطرة والشرع ما سَلَّطوا عليهم به خصومهم، وصاروا ممن رد بدعة ببدعة، وقابل الفاسد بالفاسد، ومكَّنوا خصومهم بما نفوه من الحق من الرد عليهم، وبيان تناقضهم، ومخالفتهم الشرع والعقل.


(١) في (ق): "هو".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك)، ووقع في (ق): "هو الممتنع الممتنع لذاته".
(٣) في (ك) و (ق): "وهذا".
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك): "وتعلق".
(٥) في (ك) و (ق): "بيان".
(٦) في (ق): "لكن".

<<  <  ج: ص:  >  >>