للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"كُلُّ معروفٍ صدقة" (١) وسَمَّى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه الآية جامعة فاذة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} (٢) [الزلزلة: ٧، ٨] ومن هذا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)} [المائدة: ٩٠] فدخل في الخمر كل مسكرٍ، جامدًا كان أو مائعًا، من العنب أو من غيره، ودخل في الميسر كل أكل مالٍ بالباطل، وكل عمل محرم يُوقع في العداوة والبغضاء ويصدُ عن ذكر اللَّه وعن الصلاة، ودخل في قوله (٣): {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] كل يمين منعقدة، ودخل في قوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤] كل طَيّبٍ من المطاعم والمشارب والملابس والفروج، ودخل في قوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] ما لا تُحصى أفراده من الجنايات وعقوباتها حتى اللَّطمة والضَّربة والكَسْعة كما فهم الصحابة، ودخل في قوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣] تحريم كل فاحشة ظاهرة وباطنة، وكل ظلم وعدوان في مال أو نفس أو عرض، وكل شرك باللَّه وإن دَقَّ في قول أو عمل أو إرادة بأن يُجعل للَّه عدلًا بغيره (٤) في اللفظ أو القصد أو الاعتقاد، [وكل قول على اللَّه لم] (٥) يأتِ به نصٌّ عنه


(١) ورد من حديث حذيفة: رواه أحمد (٥/ ٣٨٣ و ٣٩٧ و ٣٩٨ و ٤٠٥)، ومسلم (١٠٠٥) في (الزكاة): باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، وأبو داود (٤٩٤٧) في (الأدب): باب المعونة للمسلم.
ومن حديث جابر، رواه أحمد (٣/ ٣٤٤ و ٣٦٠)، والبخاري (٦٠٢١) في (الأدب): باب كل معروف صدقة، والترمذي (١٩٧٠) في (البر والصلة): باب ما جاء في طلاقة الوجه وحسن البشر.
(٢) وهي لما سُئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الحُمُر فقال: "ما أنزل عَلي فيها شيءٌ إلا هذه الآية الجامعة الفاذة".
رواه مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٤٤)، ومن طريقه البخاري (٢٣٧١) في (الشرب والمساقاة): باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار، و (٢٨٦٠) في الجهاد: باب الخيل ثلاثة، و (٣٦٤٦) في المناقب، و (٤٩٦٢ و ٤٩٦٣) في (التفسير)، و (٧٣٥٦) في (الاعتصام) باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، ورواه مسلم (٩٨٧) في (الزكاة): باب إثم مانع الزكاة، من حديث أبي هريرة.
(٣) في (ق): "قوله تعالى".
(٤) في (ق) و (ك): "يجعل عدلًا لغيره".
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ك) و (ق): "وكل قائل على اللَّه ما لم".

<<  <  ج: ص:  >  >>