للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجواب عمّا سبق]

فالجواب (١) أن القول باشتراط طهارة الحدث للطواف لم يدل عليه نص ولا إجماع، بل فيه النزاع قديمًا وحديثًا؛ فأبو حنيفة وأصحابه لا يشترطون ذلك، وكذلك أحمد في إحدى الروايتين عنه، قال أبو بكر في "الشافي" (٢): باب في الطواف بالبيت غير طاهر، قال أبو عبد اللَّه في رواية أبي طالب (٣): لا يطوف أحد بالبيت إلا طاهرًا، والتطوع أيسر، ولا يقف مَشاهدَ الحج إلا طاهرًا، وقال في رواية محمد بن الحكم (٣): إذا طات طوافَ الزيارةِ وهو ناسٍ لطهارته حتى رجع فإنه لا شيء عليه، وأختارُ له أن يطوف وهو طاهر، وقد نص أحمد في إحدى الروايتين عنه على أن الرجل إذا طاف جنبًا ناسيًا صح طوافه ولا دَمَ عليه، وعنه رواية أخرى عليه دَمٌ (٤)، وثالثة أنه لا يُجْزِيه الطواف، وقد ظن بعض أصحابه أن [هذا الخلاف عنه إنما] (٥) هو في المحدث والجنب، فأما الحائض فلا يصح طوافها قولًا واحدًا؛ قال شيخنا رضي اللَّه عنه (٦): "وليس كذلك، بل صرّح غيرُ واحدٍ من أصحابنا بأن الخلاف عنه في الحيض والجنابة، قال: وكلام أحمد يدّل على ذلك، ويبين أنه كان متوقفًا (٧) في طواف الحائض وفي طواف الجنب، قال عبد الملك الميموني في "مسائله": قلت لأحمد: مَنْ طاف طوافَ الواجب على غير وضوء وهو ناسٍ ثم واقع أهله، قال: أخبرك مسألة فيها وهمٌ


(١) زاد قبلها في (ن): "قيل".
(٢) صاحبه عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد، أبو بكر البغدادي، المعروف بـ (غُلام خلال) (توفي سنة ٣٦٣ هـ)، كان كبير الشأن، من بحور العلم، له الباع الأطول في الفقه، قاله الذهبي، وزاد قوله عن كتابه: "ومن نظر فيه عرف محله من العلم، لولا ما بشّعه بغض بعض الأئمة، مع أنه ثقة فيما ينقله، وقال القاضي أبو يعلى عنه: "نحو ثمانين جزءًا" انظر "طبقات الحنابلة" (٢/ ١١٩ - ١٢٧)، و"السير" (١٦/ ١٤٣ - ١٤٥).
ونقله عنه ابن تيمية في "شرح العمدة" (٣/ ٥٨٧)، و"مجموع الفتاوى" (٢٦/ ٢٠٨).
(٣) ذكرها ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٦/ ٢١٠)، وفي "شرح العمدة" (٣/ ٥٨٦ - ٥٨٧)، والقاضي في "الروايتين" (١/ ٢٨٢).
(٤) هذه رواية ابن الحكم كما في "الروايتين" (١/ ٢٨٢)، و"شرح العمدة" (٣/ ٥٨٧).
(٥) في (و): "أن بعض الخلاف عنه، وإنما".
(٦) أي شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه-، وكلامه في "مجموع الفتاوى" (٢٦/ ٢٠٧)، و"شرح العمدة" (٣/ ٥٨٨ - ٥٨٩).
(٧) في (و): "متوقعًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>