للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [التحيل لتجويز بيع العينة] (١)

ومن الحيل المحرمة الباطلة التحيلُ على جواز مسألة العِينة، مع أنها حيلة في نفسها على الربا، وجمهور الأئمة (٢) على تحريمها.

وقد ذكر أرباب الحيل لاستباحتها عدة حيل (٣):

منها: أن يُحْدث المشتري في السِّلْعة حدثًا ما تنقص به أو تتعيَّبُ؛ فحينئذ يجوز لبائعها أن يشتريها بأقل مما باعها [به] (٤).

ومنها: أن تكون السلعة قابلةً للتجزئ فيمسك منها جزءًا ما ويبيعه بقيتها.

ومنها: أن يضمَّ البائع إلى السلعة سكينًا أو منديلًا أو حلقة حديدًا أو نحو ذلك، فيمسكه (٥) المشتري ويبيعه السلعة بما يتفقان عليه من الثمن.

ومنها: أن يهبها المشتري لولده أو زوجته أو مَنْ يثق به، فيبيعها الموهوب له من بائعها، فإذا قبض الثمن أعطاه للواهب.

ومنها: أن يبيعه إياها نفسه (٦) من غير إحداث شيء ولا هبة لغيره، لكن يضم إلى ثمنها خاتمًا من حديد أو منديلًا أو سكينًا ونحو ذلك.

ولا ريب أن العِينَةَ على وجهها أسْهَلُ من هذا التكلف (٧)، وأقل مفسدة، وإن كان الشارع قد حرم مسألة العِينَةِ لمفسدة فيها فإن المفسدة لا تزول بهذه الحيلة، بل هي بحالها، وانضم إليها مفسدة أخرى أعظم منها، وهي مفسدة المكر والخداع واتخاذ أحكام اللَّه هُزُوًا وهي أعظم المفسدتين. وكذلك سائر الحيل، لا تزيل المفسدة التي حرم لأجلها، وإنما يضم إليها مفسدة الخداع والمكر، وإن كانت العينة لا مفسدة فيها فلا حاجة إلى الاحتيال عليها. ثم إن العِينَة في نفسها من أدنى الحيل إلى الربا، فإذا تحيل عليها المحتال صارت حيلًا متضاعفة،


(١) قال (و): "قال الذهبي. . . والعينة: السلف، وقال الرافعي: وبيع العينة: هو أن يبيع شيئًا من غيره بثمن مؤجل، ويسلمه إلى المشتري، ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر. . . ".
(٢) في (ق) و (ك): "الأمة".
(٣) انظرها في "الحيل" (ص ١٢) للخصاف، ففيه نحو المذكور.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.
(٥) في المطبوع: "فيملكه".
(٦) في (ق): "نفسها".
(٧) في (ن): "أسهل من التكليف".

<<  <  ج: ص:  >  >>