للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم ينكره منهم رجل واحد، وضمان البساتين كما هو إجماع الصحابة فهو مُقتَضى القياس الصحيح، كما تضمن الأرض لمغلّ الزرع فكذلك تضمن الشجر لمغل الثمر، ولا فرق بينهما البتة؛ إذ الأصل هنا كالأرض (١) هناك، والمغل يحصل بخدمة المستأجر والقيام على الشجر كما يحصل بخدمته والقيام على الأرض، ولو استأجر أرضًا ليحرثها ويسقيها ويستغل ما ينبته اللَّه تعالى فيها من غير بَذر (٢) منه كان بمنزلة استئجار الشجر من كل وجه، لا فرق بينهما البتة، فهذا أفقه من هذه الحيلة، وأبعد من (٣) الفساد، وأصلح للناس، وأوفق للقياس، وهو اختيار أبي الوفاء ابن عقيل وشيخ الإسلام ابن تيمية -رضي اللَّه عنهما-، وهو الصواب (٤).

فصل [الحيلة السريجية لعدم وقوع الطلاق أصلًا]

ومن هذا الباب الحيلة السُّرَيْجية (٥) التي حدثت في الإسلام بعد المئة الثالثة، وهي تمنع الرجل من القدرة على الطلاق ألبتَّة، بل تسد عليه [باب] (٦) الطلاق بكل وجه، فلا يبقى له سبيل إلى التخلص منها، ولا يمكنه مخالعتها عند مَنْ يجعل الخلع طلاقًا (٧)، وهي نظير سد الإنسان على نفسه باب النكاح بقوله: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، فهو لو صح تعليقه لم يمكنهُ في الإسلام أن يتزوج امرأة ما عاش، وذلك لو صح شرعه لم يمكنه أن يطلق امرأة أبدًا.

وصورة هذه الحيلة أن يقول: كما طلقتك -أو كما وقع عليك طلاقي- فأنت طالق قبله ثلاثًا، قالوا: فلا يتصور وقوع الطلاق بعد ذلك؛ إذ لو وقع لزم


= أقول: الحافظ لم يصنع شيئًا، فالحسيني -رحمه اللَّه- يريد أن الرجل لم يعرف بجرح ولا تعديل.
(١) في (ن) و (ق): "كالأصل".
(٢) في (ق): "بذل".
(٣) في (ك): "عن".
(٤) انظر: "الاختيارات الفقهية" (ص ١٥٥)، "تيسير الفقه الجامع للاختيارات الفقهية" (٢/ ١٠٩٨)، "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٣٠/ ١١٠).
(٥) هي نسبة إلى القاضي ابن سريج الشافعي، وقد سبق تعريفها.
(٦) سقط في (ق).
(٧) والصواب أنه فسخ، وهذا اختيار المصنف وشيخه ابن تيمية، انظر "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٣٢/ ٢٨٩، ٢٩٠، ٣٠٩)، "الجامع للاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية" (٢/ ٦٥٩، ٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>