للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [مثل المؤمنين والكافرين]]

ومنها قوله [تعالى] (١): {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٤)} [هود: ٢٤]؛ فإنه [سبحانه] (١) ذكر الكفار، ووصفهم بأنهم ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، ثم ذكر المؤمنين، ووصفهم بالإيمان والعمل الصالح والإخبات (٢) إلى ربهم، فوصفهم بعبودية الظاهر والباطن، وجعل أحد الفريقين كالأعمى والأصم من حيث كان قلبه أعمى عن رؤية الحق أصم عن سماعه؛ فشُبِّه بمن بصره (٣) أعمى عن رؤية الأشياء، وسمعه أصم عن سماع الأصوات، والفريق الآخر بصير القلب سميعه، كبصير العين وسميع الأذن؛ فتضمنت الآية قياسين وتمثيلين للفريقين، ثم نفى التسوية عن الفريقين بقوله: {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}.

[[مثل الذين اتخذوا الأولياء]]

ومنها قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٤١] فذكر سبحانه أنهم ضعفاء، وأن الذين [اتخذوهم أولياءَهم] (٤) أضعف منهم، فهم في ضعفهم وما قصدوه من اتخاذ الأولياء كالعنكبوت اتخذت بيتًا، وهو أوهن البيوت وأضعفها؛ وتحت هذا المثل أن [هؤلاء] (٥) المشركين أضعف ما كانوا حين اتخذوا من دون اللَّه أولياء فلم يستفيدوا بمن اتخذوهم أولياء إلا ضعفًا، كما قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)} [مريم: ٨١، ٨٢]، وقال [تعالى] (٥): {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ [وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ] (٦)} [يس: ٧٤، ٧٥]، وقال بعد أن ذكر إهلاك الأمم المشركين: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) "الإخبات": الخشوع (ط).
(٣) في (ن): "شبه عن بصره".
(٤) بدل ما في المعقوفتين في (ك): "أتخذهم أولياءهم" وفي (ق): "اتخذوهم أولياء".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) بدلها في (ق): "الآية".

<<  <  ج: ص:  >  >>