للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأصول الشرع وقواعده (١)، ولقواعد الأئمة، وباللَّه التوفيق.

[فصل [حكم جمع الطلقات الثلاث بلفظ واحد]]

المثال السابع (٢): أن المَطلِّقَ في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وزمن خليفته أبي بكر وصَدْرًا من خلافة عمر كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفمٍ واحدٍ جعلت واحدة، كما ثبت ذلك في "الصحيح" عن ابن عباس؛ فروى مسلم في "صحيحه" عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وسنتين من خلافه عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم (٣)، وفي "صحيحه" أيضًا عن طاوس "أن أبا الصَّهْباء قال لابن عباس: ألم تعلم أن الثلاث كانت تُجعل واحدة على عهد رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وثلاثًا من إمارة عمر؟ فقال ابن عباس: نعم" (٤) وفي "صحيحه" أيضًا عنه أنَّ أبا الصَّهْباء قال لابن عباس: هاتِ من هَنَاتك، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر واحدة، فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتايع (٥) الناس في


(١) في (ك): "ولقواعده" وفي (ق): "وقواعدها".
(٢) نحوه في "الزاد" (٥/ ٢٤٧ - ٢٤٨ - ط مؤسسة الرسالة) للمصنف، ونقل يوسف بن عبد الهادي في "سير الحارث إلى علم الطلاق الثلاث" (الفصل السادس) (ص ٤١ - ٤٨) ما تحت هذا المنال.
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه" (كتاب الطلاق): باب طلاق الثلاث (رقم ١٤٧٢) (١٥) قال أحمد شاكر في كتابه "نظام الطلاق في الإِسلام" (ص ٤٢ - ٤٣): "وهذا الحديث أصل جليل من أصول التشريع في الطلاق، والبحث فيه من مزالق الأقدام. فإنه يصادم كثيرًا مما يذهب إليه جمهور العلماء وعامة الدهماء في الطلاق. وقديمًا كان موضع نزاع وخلاف واضطراب ولشيخ الإِسلام ابن تيمية ثم تلميذه الإِمام ابن القيم الباعُ الطويل في شرحه والكلام عليه، ونصرة القول بوقوع الطلاق الثلاث طلقة واحدة فقط، كما هو معروف مشهور".
(٤) رواه مسلم حديث رقم (١٤٧٢) (١٦).
(٥) في جميع النسخ المطبوعة: "تتابع" بباء موحدة! قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (١٠/ ٧٢): "هو بياء مثناة من تحت بين الألف والعين، هذه رواية الجمهور وضبطه بعضهم بالموحدة، وهما بمعنى، ومعناه: أكثروا منه وأسرعوا إليه، ولكن بالمثناة! إنما يستعمل في الشر، وبالموحدة يستعمل في الخير والشر، فالمثناة هنا أجود".

<<  <  ج: ص:  >  >>