للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن محمد بن مسلمة الأنصاري اشترى من نَبَطِي حزمة حطب، واشترط عليه حملَها إلى قصر سعد (١)، واشترى عبدُ اللَّه بن مسعود جاريةً من امرأته وشَرَطَتْ عليه أنه إن باعها فهي لها بالثمن (٢)، وفي ذلك اتفاقهما على صحة البيع والشرط، ذكره الإمام أحمد (٣) وأفتى به.

[[شأن الشروط عند الشارع]]

والمقصود أن للشروط عند الشارع شأنًا ليس عند كثير من الفقهاء؛ فإنهم يُلْغُونَ شروطًا لم يُلْغِها الشارعُ، ويفسدون بها العقدَ من غير مفسدة تقتضي فساده، وهم متناقضون فيما يقبل التعليق بالشروط من العقود وما لا يقبله؛ فليس (٤) لهم ضابط مطرد منعكس يقوم عليه دليل؛ فالصواب الضابط الشرعي الذي دلّ عليه النصُّ أن كل شرط خالف حكم اللَّه تعالى وكتابه فهو باطل، وما لم يخالف (٥) حكمه فهو لازم.

يوضحه أن الالتزام بالشرط كالالتزام بالنذر، والنذر لا يبطل منه إلا ما


= والأسلمي هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ضعيف، وبين الأسلمي، وزيد مفاوز، وانظر "التلخيص" (٣/ ١٧)، و"التمهيد" (٢٤/ ١٧٩).
ووردت أحاديث في منع بيع العربون، لم تثبت، منها: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع العربان رواه مالك (٣٧٧) وأحمد (٢/ ١٨٣) وأبو داود (٣٥٠٢) وابن ماجه (٢١٩٢، ٢١٩٣).
(١) أخرجه أحمد (١/ ٥٤) وابن جرير في "التاريخ" (٤/ ٤٧) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٥/ ٢٧٩ - ٢٨١) وفيه قصة طويلة، ولا يوجد فيه الشاهد المذكور عند المصنف، ثم وجدته في "مسند إسحاق" -كما في "المطالب العالية" (٢/ ٣٨٤ - ٣٨٥ رقم ٢١٣٧) - ولفظ الشاهد منه: "وانطلق (محمد بن مسلمة) حتى قدم جبانة الكوفة، فرأى نبطيًا يدخل الكوفة بقصب على حمار يبيعه، فابتاعه منه، وشرط عليه أن يلقيه عند باب الأمير" رجاله ثقات، لكن فيه انقطاع، قاله ابن حجر.
(٢) رواه مالك في "الموطأ" (٢/ ٦١٦)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٣٣٦)، ورواه عبد الرزاق (١٤٢٩١) عن معمر (كلاهما مالك ومعمر) عن الزهري عن عببد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة أن عبد اللَّه بن مسعود ابتاع جارية من امرأته زينب الثقفية، واشترطت عليه أنك إن بعتها فهي لي بالثمن الذي تبيعها به، فسأل عبد اللَّه بن مسعود عن ذلك عمر بن الخطاب، فقال عمر: لا تقربها، وفيها شرط لأحد، ورواته ثقات لكن رواية عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة عن ابن مسعود مرسلة، كما نص على ذلك غير واحد.
(٣) في "مسائل الكوسج" (ص ٢٤٩).
(٤) في (ق): "ليس".
(٥) كذا في (ق) و (ك)، وفي سائر الأصول: (يخالفه).

<<  <  ج: ص:  >  >>