للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريقًا إلى زوال ملكه عنه بالعتق، إما بنفس الملك كمن ملك ذا رَحِم مَحْرَم، وإما باختيار الإعتاق كمن اشترى عبدًا ليعتقه عن كفارته أو ليتقرب به إلى اللَّه عز وجل، ولم يشرع اللَّه النكاح طريقًا إلى زوال ملك البُضْع ووقوعِ الطلاق، بل هذا يترتب عليه ضد مقصوده شرعًا وعقلًا وعرفًا، [والعتق المترتب] (١) على الشراء ترتيب لمقصوده عليه شرعًا وعرفًا، فأين أحدهما من الآخر؟

وكونه قد سَدَّ على نفسه باب ملك الرقيق فلا يخلو إما أن يعلق ذلك تعليقًا مقصودًا أو تعليقًا قسميًا؛ فإن كان مقصودًا فهو قد قصد التقرب إلى اللَّه بذلك، فهو كما لو التزم صَوْم الدهر وسدَّ على نفسه باب الفطر. وإن كان تعليقًا قسَميًا فله سَعَة بما وسَّع اللَّه عليه من الكفارة كما أفتى به الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، وقد تقدم.

[فصل [النقض بمن معه ألف دينار]]

وأما النقض الخامس بمن معه ألف دينار فاشترى بها جاريةً وأوْلَدها (٢)، فهذا أيضًا نقض فاسد؛ فإنه بمنزلة مَنْ أنفقها في شهواته وملاذه، وقعد مَلُومًا محسورًا، أو تزوج بها امرأة وقَضَى وطره منها نحو ذلك. فأين هذا من سد باب الطلاق وبقاء المرأة كالغل في عنقه إلى أن يموت أحدهما؟

[فصل [لم تبن الشرائع على الصور النادرة]]

وقولكم: قد يكون له في هذه اليمين مصلحة وغرض صحيح، بأن يكون محبًا لزوجته ويخشى وقوع الطلاق بالحلف أو غيره فيسرّحها" جوابه أن الشرائع العامة لم تُبْنَ على الصور النادرة، ولو كان لعموم المطلِّقين في هذا مصلحة لكانت حكمة أحكم الحاكمين تمنع الرجالَ من الطلاق بالكليّة، وتجعل الزوج (٣) في ذلك بمنزلة المرأة لا تتمكن من فراق زوجها. ولكن حكمته تعالى أولى وأليق من مراعاة هذه المصلحة الجزئية التي في مراعاتها تعطيل مصلحة أكبر منها وأهم، وقاعدة الشرع والقدر تحصيل أعلى المصلحتين وإن فات (٤) أدناهما، ودفع أعلى


(١) في (ن) و (ق): "والمرتب".
(٢) في (ق): "فأولدها".
(٣) في (ق): "ويجعل الرجل".
(٤) في (ق): "فاتت".

<<  <  ج: ص:  >  >>