للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: التكرار:

إنّ هذه الميزة بارزة في "إعلام الموقّعين"، فقد كان ابن القيّم رحمه اللَّه يبحث بعض المسائل في أكثر من موضع، ولكنّ هذا التّكرار لا يخلو من فائدة، وفي الإعادة إفادة، فقد كان رحمه اللَّه حريصًا على تأكيد الفكرة، وتقرير المسألة، كما أن ذلك التكرار لا يَخْلُو من إضافات مهمّة لم تذكر من قبل.

ومن الأمثلة على ذلك: أنّه بحث مسألة تحريم الإفتاء في دين اللَّه بالرّأي المذموم المتضمّن لمخالفة النّصوص، والرّأي الّذي لم تشهد له النّصوص بالقبول، وساق الأدلة على ذلك من الكتاب والسنّة انظر: (١/ ٨٨)، ثمّ كرّرها في (٣/ ٣٧) وأتى بأدلة لم يأت بها في الموضع السّابق.

ومن ذلك مسألة تحريم القول على اللَّه بلا علم، بحثها في (١/ ٧٣ - ٧٨) ثمّ أعاد ذكرها في (٢/ ٤٣٩) بزيادات وإضافات مع الإشارة إلى ما تقدم ذكره، فقال: "قد تقدم قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣]، وأنّ ذلك يتناول القول على اللَّه بغير علم في أسمائه وصفاته، وشرعه ودينه، وتقدم حديث أبي هريرة المرفوع: "مَنْ أَفْتى بِفُتْيَا غَيْرِ ثَبَتٍ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ" (١)، وأضاف أدلة أخرى لم يذكرها من قبل.

ثم كرَّرها مرة أخرى في (٢/ ٤٣٩)، وذلك لبيان خطورة القول على اللَّه بلا علم. ومن ذلك تحريم التّقليد، بحثه في مواضع متفرقة انظر: (١/ ١٠، ١١ و ٢/ ٤٤٧ و ٣/ ٣٧).

ومن ذلك مسألة شروط الواقف، كرّرها عدة مرّات انظر: (٢/ ٦١ - ٦٨ و ٣/ ٥٠٠ - ٥٠٢ و ٥/ ٧٨ - ٧٩، ٨٦ - ٨٩، ٩٠) (٢).

واعتذر الشيخ بكر أبو زيد -حفظه اللَّه- لتكرار ابن القيم مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحدٍ (٣) بعذر يكاد ينطبق على مسائل أخرى، قال:


(١) انظر تخريجه في التعليق على (٢/ ٤٣٩).
(٢) وهنالك أمثلة كثيرة، تنظر في "فهرس الفوائد العلمية".
(٣) كرر ابن القيم الكلام في هذه المسألة، وناقش المخالفين، وبسط ذلك بسطًا لا يوجد عند غيره، وبحثها في "إغاثة اللهفان" (١/ ٣٠٠ - ٣٥٤ - ط محمد سيد كيلاني) و"الزاد" (٥/ ٢٤١ - ٢٧١ - ط مؤسسة الرسالة)، و"الصواعق المرسلة" (٢/ ٦١٩ - ٩٢٨ - ط علي الدخيل اللَّه) بالإضافة إلى ما في كتابنا هذا من استطراد وتكرار، وانظر -غير مأمور-: "تسمية المفتين بأن الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة" (ص ٦٧ - ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>