للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعذر فهي أولى بالسقوط (١)، ومن قواعد الشرع الكلية أنه "لا واجبَ مع عجزٍ، ولا حرامَ مع ضرورة" (٢).

[فصل [الرهن مركوب ومحلوب وعلى من يركب ويحلب النفقة]]

ومن ذلك قول بعضهم: إن الحديث الصحيح -وهو قوله: "الرَّهنُ مركوبٌ ومحلوب، وعلى الذي يركبُ ويحلبُ النفقة" (٣) - على خلاف القياس، فإنه جوَّز لغير المالك أن يركب الدابة و [أن] (٤) يحلبها، وضمَّنه (٥) ذلك بالنفقة لا بالقيمة، فهو مخالف للقياس من وجهين (٦).

والصواب ما دل عليه الحديث، وقواعد الشريعة وأصولها لا تقتضي سواه؛ فإن الرهن إذا كان حيوانًا فهو محترمٌ في نفسه لحقِّ اللَّه سبحانه، وللمالكِ فيه حَقُّ الملك، وللمرتهن حق الوثيقة، وقد شرع اللَّه سبحانه الرَّهنَ مقبوضًا بيد المرتهن، فإذا كان بيده فلم يَرْكبه ولم يحلبه ذهب نفعه باطلًا (٧)، وإن مَكَّن صاحبه من ركوبه خرج عن (٨) يده وتوثيقه، وإن كَلَّف صاحبه كل وقت أن يأتي ليأخذ (٩) لبنه


(١) انظر: "بدائع الفوائد" (٣/ ٨٦ - ٨٧) للمؤلف -رحمه اللَّه-.
(٢) انظر كلام ابن القيم على هذه القاعدة في "تهذيب السنن" (١/ ٤٧ - ٤٨).
(٣) اللفظ الوارد في الصحيح هو "الرهن يركب بنفقته ولبن الدر يُشرب إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب نفقته"، رواه البخاري (٢٥١١ و ٢٥١٢) في (الرهن): باب الرهن مركوب ومحلوب، من حديث أبي هريرة.
ولفظ الرهن مركوب ومحلوب: رواه الدارقطني (٣/ ٣٤)، وابن عدي (١/ ٢٧٢)، والبيهقي (٦/ ٣٨)، والخطيب (٦/ ١٨٤)، والحاكم (٢/ ٥٨) من طرق عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقال الحاكم: "إسناده صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإجماع الثوري وشعبة على توقيفه عن الأعمش، وأنا على أصلي الذي أصلته في قبول الزيادة من الثقة".
ورواه موقوفًا البيهقي (٦/ ٣٨)، ورجح الدارقطني في "العلل" (١٠/ ١١٢ رقم ١٩٠٣)، والخطيب الوقف، وكما ذكر الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٤٢) و"التلخيص الحبير" (٣/ ٣٦): وانظر: تعليقي على "الإشراف" (٣/ ٢٣).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) في (ق): "وضمن".
(٦) انظر تفصيل ذلك في: "البناية" (٩/ ٦٤٥) للعيني، و"سبل السلام" (٣/ ٧٦٩) للصنعاني.
(٧) في (ن): "ذهبت نفقته باطلًا".
(٨) في (ن): "من".
(٩) في (ق) و (ك): "أن يأخذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>