للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت عائشة: واللَّه ما أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على النساء قط إلا بما أمره اللَّه، وما مسَّتْ كفُّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كفَّ امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أَخذ عليهن: "قد بايعتكن" كلامًا (١).

فهذه هي البيعة النبوية التي قال اللَّه عز وجل فيها: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١٠)} [الفتح: ١٠] وقال فيها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨].

[[أيمان البيعة التي أحدثها الحجاج الثقفي]]

فأحدث الحجَّاجُ في الإسلام بيعة غير هذه تتضمن اليمين باللَّه تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال والحج، فاختلف علماء الإسلام في ذلك على عدة أقوال.

[[من قال أيمان البيعة تلزمني]]

ونحن نذكر [تحرير] (٢) هذه المسألة وكشفها، فإن كان مرادُ الحالف بقوله: "أيمان البيعة تلزمني" البيعةَ النبوية التي كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يبايع عليها أصحابه لم يلزمه الطلاق والإعتاق ولا شيء مما رتبه الحجاج، وإن لم ينو تلك البيعة ونَوَى البيعة الحجَّاجية فلا يخلو: إما أن يذكر في لفظه طلاقًا أو عتاقًا أو حجًا أو صدقةً أو يمينًا باللَّه أو لا يذكر شيئًا من ذلك؛ فإن لم يذكر في لفظه شيئًا فلا يخلو: إما أن يكون عارفًا بمضمونها أو لا، وعلى التقديرين فإما أن ينوي مضمونها كله أو بعض ما فيها أو لا ينوي شيئًا من ذلك، فهذه تقاسيم هذه المسألة.


= والأحكام والمبايعة (٥/ ٣١٢/ رقم ٢٧١٣)، وكتاب (الأحكام): باب بيعة النساء (١٣/ ٢٠٣/ رقم ٧٢١٤)، و (كتاب التفسير)، باب {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} (٤٨٩١)، و (كتاب الطلاق): باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية (٥٢٨٨)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الإمارة): باب كيفية بيعة النساء (٤/ ١٤٨٩/ رقم ١٨٦٦) عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، قالت: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يبايع النساء بالكلام بهذه الآية: {لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: ١٢]، قالت: وما مسّت يد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يد امرأة إلا امرأة يملكها" لفظ البخاري.
وفي لفظ لمسلم: "ما مسّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيده امرأة قط".
(١) هو تابع لما قبله.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>