للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصحيحًا، والميزان العادل لها عند الوزن ترجيحًا، وهيهات أن تكون شريعتنا في هذه المسألة مشابهة لشريعة أهل الكتاب؛ إذ يستحيل وقوعُ الطلاق وتُسَدُّ دونه الأبواب، وهل هذا إلا تغييرٌ لما عُلِمَ بالضرورة من الشريعة (١)، وإلزام لها بالأقوال الشنيعة؟ وهذا أشنع من سد باب النكاح بتصحيح تعليق [وقوع] (٢) الطلاق لكل مَنْ تزوجها في مدة عمره (٣)؛ فإنه وإن كان نظيره (٤) سَدَّ باب الطلاق، لكن قد ذهب إليه بعض السلف، وأما هذه المسألة فمما حدث في الإسلام بعد انقراض الأعصار المفضلة.

[[مناقضة السريجية للعقل والشرع واللغة]]

ونحن نبين مناقضة هذه المسألة للشرع واللغة والعقل، ثم نجيب عن شبهكم شبهة شبهة.

أما مناقضتها للشرع فإن اللَّه تعالى شرع للأزواج -إذا أرادوا استبدال زوج مكان زوج والتخلص (٥) من المرأة- الطلاقَ- وجعله بحكمته ثلاثًا توسعة (٦) على الزوج؛ إذ لعله يبدو له ويندم فيراجعها، وهذا من تمام حكمته ورأفته ورحمته بهذه الأمة، ولم يجعل أنكحتهم كأنكحة النصارى تكون المرأة غلًا في عُنُقِ الرجل (٧) إلى الموت، ولا يخفى ما بين الشريعتين من التفاوت، وأن هذه المسألة منافية لإحداهما منافاة ظاهرة، ومشتقة من الأخرى اشتقاقًا ظاهرًا، ولكفي هذا الوجه وحده في إبطالها.

[[مناقضتها للغة]]

وأما مناقضتها للغة فإنها تضمنت كلامًا ينقض بعضه بعضًا، ومضمونه إذا وُجد الشيء لم يوجد، وإذا وجد الشيء اليوم فهو موجود قبل اليوم، وإذا فعلتُ الشيء اليوم فقد وقع مني قبل اليوم، ونحو هذا من الكلام المتناقض في نفسه الذي هو إلى المحال أقرب منه إلى الصحيح من المقال.


(١) قال (د): "في عامة أصول هذا الكتاب: لما علم بالضرورة من الشريف"، وفي (ك): "لما علم اللَّه بالضرورة من الشريعة".
(٢) ما بين المعقوفتين من (ن) فقط.
(٣) في (ك): "عمر".
(٤) في (ك) و (ق): "نظير".
(٥) في (ن) و (ك) و (ق): "أو التخلص".
(٦) في (و): "توسعًا"، وفي (ك) و (ق): "للزوج" بدل "على الزوج".
(٧) في (ن) و (ك) و (ق): "الزوج".

<<  <  ج: ص:  >  >>