للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل اللَّه سبحانه الربا ضد الصدقة، فالمُرابي ضد المُتصدِّق، قال اللَّه تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦] وقال: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: ٣٩] وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٣٠ - ١٣١] ثم ذكر الجنة التي أُعدت [للمتقين الذين] (١) ينفقون في السَّراء والضَّرَّاء، [والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس] (٢) وهؤلاء ضد المرابين، فنهى سبحانه عن الربا الذي هو ظلم للناس، وأمر بالصدقة التي هي إحسان إليهم.

وفي "الصحيحين" من حديث ابن عباس، عن أسامة بن زيد أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنما الرِّبا في النَّسيئة" (٣) ومثل هذا يراد به حصر الكمال وأن الربا الكامل إنما هو في النسيئة، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)} إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: ٢ - ٤] وكقول ابن مسعود: "إنما العالم الذي يخشى اللَّه" (٤).

فصل (٥) [ربا الفضل]

وأما [تحريم] (٦) ربا الفَضْل فتحريمه من باب سد الذرائع، كما صَرَّح به


(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ك) و (ق): "للذين".
(٢) ما بين المعقوفتين من (ك) و (ق) فقط.
(٣) رواه البخاري في "الصحيح" (رقم ٢١٧٨ و ٢١٧٩) (كتاب البيوع): باب بيع الدينار بالدينار نساء، ومسلم في "الصحيح" (رقم ١٥٩٦) (كتاب المساقاة): باب بيع الطعام مثلًا بمثل.
(٤) ذكره ابن عبد البر (١٢٢١) دون إسناد، وروى أحمد في "الزهد" (٢/ ١٠٦)، وأبو داود في "الزهد" (١٨٢)، والطبراني في "الكبير" (٩/ ١٠٥) رقم (٨٥٣٤)، وابن بطة في "إبطال الحيل" (ص ٢١)، والبيهقي في "المدخل" (رقم ٤٨٦)، وابن عبد البر في "الجامع" (رقم ١٤٠٠، ١٤٠١)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ١٣١) عن عبد الرحمن حدثنا قرة عن عون بن عبد اللَّه بن عتبة عن ابن مسعود قال: ليس العلم بكثرة الرواية، ولكن العلم الخشية.
وعون بن عبد اللَّه لم يدرك ابن مسعود، فهو منقطع، وانظر: "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٣٥)، وعزاه في "الدر المنثور" (٧/ ٢٠) لابن أبي شيبة وعبد بن حميد.
(٥) ما تحته في "تفسير آيات أشكلت" لابن تيمية (٢/ ٦٠٩ وما بعد).
(٦) ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>