للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ذلك بصورة البيع. وأيضًا فإن اليهود لم ينفعهم إزالة اسم الشحوم عنها بإذابتها فإنها بعد الإذابة يفارقها الاسمُ (١) وتنتقل إلى اسم الوَدَك (٢)، فلمَّا تحيَّلوا على استحلالها بإزالة الاسم لم ينفعهم ذلك.

[[الدلالة على تحريم الحيل]]

قال الخطابي: "في هذا الحديث بطلان كل حيلة يحتال بها المتوصل إلى الحرام؛ (٣) فإنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه" (٤).

قال شيخنا -رضي اللَّه عنه-: ووجه الدلالة ما أشار إليه أحمد [من] (٥) أن اليهود لما حرم اللَّه عليهم الشحُومَ أرادوا الاحتيال على الانتفاع بها على وجه لا يقال في الظاهر إنهم انتفعوا بالشحم فَجَمَلُوه (٦) وقصدوا بذلك أن يزول عنه اسم الشحم، ثم انتفعوا بثمنه بعد ذلك لئلا يكون (٧) الانتفاع [في الظاهر] (٨) بعين المحرَّم، ثم مع كونهم (٩) احتالوا حيلة (١٠) خرجوا بها في زعمهم من ظاهر التحريم من هذين الوجهين لعنهم اللَّه على لسان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على هذا الاستحلال، نظرًا إلى [هذا] (١١) المقصود، وأن حكمة التحريم لا تختلف (١٢) سواء كان جامدًا أو مائعًا، وبدل الشيء يقوم مقامه ويسد مَسَدَّه، فإذا حرم اللَّه الانتفاع بشيء حرم الاعتياض عن تلك المنفعة، [وأما] (١٣) ما أبيح الانتفاع به من وجه دون وجه كالحمير (١٤) مثلًا فإنه يجوز بيعها لمنفعة الظهر المباحة لا لمنفعة اللحم المحرمة،


(١) في (و): "الإثم".
(٢) "دسم اللحم" (و).
(٣) في المطبوع و (ك): "المتوسل إلى المحرم".
(٤) انظر: "أعلام الحديث" (٢/ ١١٠١) و"بيان الدليل" (ص ٩١).
(٥) ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(٦) قال: (و): "أذابوه".
قلت: وفيه لغتان، يقال: جملت بالشحم وأجملته إذا أذبته، واجتملته -أيضًا-، انظر: "غريب الحديث" (٣/ ٤٠٧) لأبي عبيد -رحمه اللَّه-.
(٧) في "بيان الدليل": "لئلا يحصل".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من "بيان الدليل".
(٩) في "بيان الدليل": "أنهم".
(١٠) في "الأصول": "بحيلة".
(١١) ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(١٢) في مطبوع "بيان الدليل": "فإنما حكمه التحريم لا يختلف".
(١٣) بدلها في "بيان الدليل": "ولهذا".
(١٤) كذا في "بيان الدليل"، وفي جميع نسخ "الإعلام" "كالخمر"!!

<<  <  ج: ص:  >  >>