للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [الصحابة نهوا عن القياس أيضًا]

وأما الصحابة [-رضي اللَّه عنهم-] (١) فقد قال أبو هريرة لابن عباس: إذا جاءك الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا تَضرِبْ له الأمثال (٢).

وفي "صحيح مسلم" من حديث سَمُرة بن جُنْدب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أحبُّ الكلام إلى اللَّه [عز وجل] (٣) أربع" فذكر الحديث، وفي آخره: "لا تُسمينَّ غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نَجيحًا ولا أفلح، فإنّك تقول: أثمَّ هو؟ فيُقال: لا، إنما هن أربع فلا تزيدُن [عليّ" (٤).

قالوا: فلم يُجِزْ سمرة] (٥) أن ينهى عما عدا الأربع قياسًا عليها، وجعل ذلك زيادة فلم يزد على الأربع بالقياس التسمية بسعد وفَرَج وخَير (٦) وبَرَكة ونحوها، ومقتضى قول القياسيين (٧) أن الأسماء التي سكت عنها النص أولى بالنَّهي؛ فيكون إلحاقها بقياس الأولى أو مثله.

فإن قيل: فلعل قوله: "إنما هُنَّ أربع فلا تزيدُنَّ عليَّ" مرفوع من نفس كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو لعل سمرة أراد به (٨)، إنما حفظتُ هذه الأربعَ فلا تزيدُنَّ عليَّ في الرواية.

قيل: أما السؤال الأول فصريح في إبطال القياس، فإنَّ المعنى واحد، ومع هذا فخص النهي بالأربع (٩)، وأما السؤال الثاني فقوله: "إنما هن أربع" يقتضي


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) رواه الترمذي (٧٩) في (الطهارة): باب الوضوء مما غيرت النار، وابن ماجه (٢٢) في (المقدمة): باب تعظيم حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتغليظ على من عارضه، و (٤٨٥) في (الطهارة): باب الوضوء مما غيرت النار. من طريق محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة قالها لابن عباس بعد أن أخبر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "توضؤوا مما غيرت النار" فقال ابن عباس: "أتوضأ من الحميم؟ فقال. . . " وذكره، وإسناده حسن.
ورواه بنحوه: أحمد (٢/ ٥٠٣)، وابن خزيمة (١٤٦)، والبيهقي (١/ ٤٦).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) هو في "صحيح مسلم" (كتاب الآداب): باب كراهية التسمية بالأسماء القبيحة (٢١٣٧).
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "على ما قالوا قلت يستجيز، فلم يجز سمرة بن جندب" وفي (ق): "سمرة بن جندب".
(٦) في (ق) و (ك): "وفرج وخيره".
(٧) في (ق): "القياسين".
(٨) في (ق): "أراد بها".
(٩) في (ق) و (ك): "فخص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الأربع".

<<  <  ج: ص:  >  >>