للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرق بين ما يبلّغه عنه من كلامه المتلو ومن وحيه الذي هو نظير كلامه في وجوب الاتباع، ومخالفة هذا كمخالفة هذا.

يوضحه الوجه الثالث: أن اللَّه سبحانه أمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان، وجاء البيان عن رسوله (١) -صلى اللَّه عليه وسلم- بمقادير ذلك وصفاته وشروطه؛ فوجب على الأمة قبوله، إذ هو تفصيل لِما أمر اللَّه به، كما يجب عليها (٢) قبولُ الأصل المفصَّل، وهكذا أَمرَ اللَّه سبحانه بطاعته وطاعة رسوله؛ فإذا أمر الرسول بأمرٍ كان تفصيلًا وبيانًا للطاعة المأمور بها، وكان فَرْضُ قبوله كفرض قبول الأصل المفصل، ولا فرق بينهما.

[[بيان الرسول على أنواع]]

يوضحه الوجه الرابع: أن البيان من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقسام (٣):

أحدها: بيانُ نفس الوحي بظهوره على لسانه بعد أَنْ كان خفيًا.

الثاني: بيان معناه وتفسيره لمن احتاج إلى ذلك كما بيَّن أن الظلم المذكور في قوله: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] هو الشركُ (٤)، وأَنَّ الحسابَ اليسير هو العَرضُ (٥)، وأن الخيط الأبيض والأسود هما بياضُ النَّهار وسواد الليل (٦)، وأن الذي رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى هو جبريل (٧)، كما فَسَّر


(١) في (ق) و (ك): "رسول اللَّه".
(٢) في المطبوع: "علينا".
(٣) انظر -غير مأمور- "الموافقات" (٤/ ٣٩٢ وما بعد).
(٤) الحديث في "الصحيحين"، وقد تقدم تخريجه، وفي (ق): "أنه الشرك".
(٥) رواه البخاري (١٠٣) في (العلم): باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه و (٤٩٣٩) في تفسير {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، و (٦٥٣٦) و (٦٥٣٧) في (الرقاق): باب من نوقش الحساب عذب، ومسلم (٢٨٧٦) في الجنة: باب إثبات الحساب، من حديث عائشة.
(٦) سبق تخريجه.
(٧) رواه أحمد في "مسنده" (١/ ٤٠٧)، والطبري (٢٧/ ٤٩)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٤٢٣)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٣٥٦) من طريق عاصم عن شقيق عن ابن مسعود مرفوعًا: "رأيت جبريل على سدرة المنتهى له ست مئة جناح"، وإسناده حسن.
ورواه أحمد في "مسنده" (١/ ٤١٢ و ٤٦٠)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٢/ ٣٧٢) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود مرفوعًا به، وهذا اختلاف من عاصم، ففي حفظه شيء لكنه اختلاف بين ثقتين.
وأصل الحديث في "صحيح البخاري" (٣٢٣٢ و ٤٨٥٦ و ٤٨٥٧)، ومسلم (١٧٤) من حديث ابن مسعود أيضًا ولفظه: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى جبريل له ست مئة جناح".

<<  <  ج: ص:  >  >>