للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها ضَمَّ إلى جريمة الوطء جريمة العقد الذي حرَّمه اللَّه، فانتهك حرمة شرعه بالعقد، وحُرمةَ أُمّه بالوطء، ثم يقال: الأصول تقتضي سقوط الحد عنه، وكذلك حكم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- برجم اليهوديين (١) هو من أعظم الأصول، فكيف رُدَّ هذا الأصل العظيم بالرأي الفاسد ويقال: إنه مقتضى الأصول (٢)؟.

فإن قيل: إنما حكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالرجم بما في التوراة إلزامًا لهما بما اعتقدا صحته.

قيل: هب أن الأمر كذلك، أفحكمٌ بحق يجب اتباعه وموافقته وتحرم مخالفته أم بغير ذلك؟ فاختاروا أحد الجوابين ثم اذهبوا إلى ما شئتم.

[[الوفاء بالشروط في النكاح وفي البيع]]

المثال الرابع والثلاثون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في وجوب الوفاء بالشروط (٣) في النكاح، [و] (٤) أنها أحقُّ الشروط بالوفاء على الإطلاق (٥)، بأنها خلاف الأصول، والأخذ بحديث النهي عن بيع وشرط (٦) الذي لا يُعلم له إسناد يصح، مع مخالفته للسنة الصحيحة والقياس ولانعقاد الإجماع على خلافه، ودعوى أنه موافق للأصول؛ أما مخالفته للسنة الصحيحة فإن جابرًا باع بعيره وشرط ركوبه إلى المدينة (٧)، والنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ باع عبدًا وله مال فمالُه للبائع


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "زاد المعاد" (٣/ ٢٠٧).
(٣) سيأتي تخريجه.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) انظر مبحث الشروط لابن القيم في "بدائع الفوائد" (١/ ٤٣ - ٦٠، ٣/ ٣٤٥)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ١٨٠).
(٦) رواه الطبراني في "الأوسط" (٤٣٦١) ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في "مسند أبي حنيفة" (ص ١٦٠ - ١٦١) حدثنا عبد اللَّه بن أيوب القِربي قال: حدثنا محمد بن سليمان الذُّهلي قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: قدمتُ مكة فوجدتُ بها أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرُمة. . . ثم ذكر قصةً، فقال أبو حنيفة: حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع وشرط. . .
قال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٨٥): في طريق عبد اللَّه بن عمرو مقال.
أقول: وهذا إسناد ضعيفٌ جدًا، عبد اللَّه بن أيوب، قال الدارقطني: متروك، انظر: "تاريخ بغداد" (٩/ ٤١٣)، و"لسان الميزان" (٣/ ٣١٥)، ومحمد بن سليمان الذهلي لم أجد من ترجمه.
وصح من حديث عمرو بن العاص رفعه: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع" انظر تخريجه في تعليقي على "الموافقات" (١/ ٤٦٩).
(٧) الحديث متفق عليه، وتقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>