للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجند الرحمن، أولئك أصحابه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَبرُّ (١) الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأحسنها بيانًا، وأصدقها إيمانًا، وأعمها نصيحةً، وأقربها إلى اللَّه وسيلة، وكانوا بين مُكْثِر منها ومُقِلٍّ ومتوسط.

[[المكثرون للفتوى من الصحابة]]

والذين حُفِظَتْ عنهم الفتوى من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢) مئة ونَيِّف وثلاثون نفسًا، ما بين رجل وامرأة، وكان المكثرون منهم سبعة: عمر بن الخطاب، وعليّ بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن مسعود، وعائشة أم المؤمنين، وزيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن عَبَّاس، وعبد اللَّه بن عمر.

قال أبو محمد بن حَزْم (٣): ويمكن أن يُجمع من فتوى كُلِّ واحد منهم سِفْر ضخم.

قال: وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فُتْيَا عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما- (٤) - في عشرين كتابًا.

وأبو بكر [محمد] (٥) المذكور أحدُ أئمة الإسلام في العلم والحديث.

[[المتوسطون في الفتيا منهم]]

قال أبو محمد: والمتوسطون منهم فيما رُوي عنهم من الفُتيا: أبو بكر


= يكون مأخذ هذا اللفظ من كل واحد من هذين المعنيين؛ فإن البلغاء يطلقون على المقدم من القوم لفظ الصدر، فهم يقولون: فلان صدر الأفاضل، وقد يشتقون منه فيقولون: تصدَّر فلان قومه؛ كما يشبهون الرجل الجلد القوي بالجمل (د)، وقال (ط):
"البرك": صدر كل شيء، والمراد أنهم المقدَّمون من المؤمنين، يقصد بهم الصحابة -رضي اللَّه عنهم-. ووقع في (ق): "ترك"!!.
(١) في المطبوع: "ألين".
(٢) في (ق): "الفتوى من الصحابة".
(٣) هو الإمام ابن حزم الظاهري -رحمه اللَّه-، المتوفى سنة ٤٥٦ هـ، صاحب الكتاب القيم: "المحلّى"، و"الإحكام في أصول الأحكام"، و"الفصل في الملل والأهواء والنحل"، وغيرها من الكتب والرسائل المفيدة.
وكلامه هذا اختصره الإمام ابن القيم -رحمه اللَّه- من "الإحكام" (٥/ ٩٢ - ١٠٤)؛ فانظره -إن شئت-.
وانظر الرسالة الثالثة الملحقة بكتاب: "جوامع السيرة" لابن حزم المسماة بـ "أصحاب الفتيا من الصحابة ومن بعدهم على مراتبهم في كثرة الفتيا" (ص: ٣١٩ - ٣٣٥).
(٤) في (ق): "رضي اللَّه عنه".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>