للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسقط عنه القطع، ولو كان رب البيت معروفَ النسب، والناس تعرف (١) أن المالَ ماله، وأبلغ من هذا أنه لو ادعى العبدُ السارقُ أن المسروق لسيده وكذَّبه السيد، قالوا: فلا قطع عليه، بل يسقط عنه [القطع] بهذه الدعوى (٢).

ومنها: أن يَبْلَعَ الجوهرة أو الدنانير ويخرج بها.

ومنها: أن يغير هيئة المسروق بالحِرْزِ (٣) ثم يخرج به.

ومنها: أن يدعي أن ربَّ الدار أدخله داره، وفتح له باب داره، فيسقط عنه القطع، وإن كذبه، إلى أمثال ذلك من الأقوال التي حقيقتُها أنه لا يجب القطع على سارق البتة.

وكل هذه حيل باطلة لا تُسْقِطُ القطع، ولا تُثِيرُ أدنى شبهة، ومحال أن تأتي شريعة بإسقاط عقوبة هذه الجريمة بها، بل ولا سياسة عادلة؛ فإن الشرائع مبنية على مصالح العباد، وفي هذه الحيل أعْظَمُ الفساد، ولو أن ملكًا من الملوك وَضَع عقوبة على جريمة من الجَرَائم لمصلحة رعيته ثم أسقطها بأمثال (٤) هذه الحيل عُدَّ متلاعبًا.

[فصل [إبطال حيلة لإسقاط حد الزنا]]

ومن الحيل الباطلة الحيلَةُ التي تتضمن إسقاط حد الزنا بالكلية، وترفع هذه الشريعة من الأرض، بأن يستأجر المرأة لتطوي له ثيابه، أو تحوِّل له متاعًا من جانب الدار إلى جانب آخر، أو يستأجرها لنفس الزنا، ثم يزني بها؛ فلا يجب عليه الحد (٥).


(١) في (ن) و (ك) و (ق): "يعرفون".
(٢) قال القاضي عبد الوهاب في "الإشراف" (٤/ ٥٠٠ مسألة ١٧٩٠): "ولأن القطع شرع لصيانة الأموال وحفظها وفي قبول دعوى السارق ذريعة إلى إسقاط هذا المعنى لأن كل سارق يمكن أن يدعي المسروق لنفسه ليتخلص من القطع".
وانظر تعليقي على المسألة فيه، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ن): "بالقطع".
(٤) في (ن) و (ق): "بمثل".
(٥) هذا قول أبي حنيفة وأما المذهب المعتمد عند الحنفية فهو قول أبي يوسف محمد وهو وجوب الحد، وانظر "مجمع الأنهر" (١/ ٥٩٥)، "شرح فتح القدير" (٤/ ١٥٠)، "المبسوط" (٩/ ٥٨)، "الدر المختار" (٤/ ٢٩).
وهو أيضًا مذهب الشيعة الإمامية: انظر: "اللمعة الدمشقية" (٩/ ٥٧)، "شرح شرائع =

<<  <  ج: ص:  >  >>