للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد، واللحم قوت موزون فيدخله ربا الفَضْل. وأما إذا كان الحيوانُ غيرَ مقصودٍ للحم (١) كما إذا كان غيرَ مأكولٍ أو مأكول لا يقصد لحمه كالفرس تباع بلحم إبل فهذا لا يحرم بيعه به، بقي إذا كان الحيوان مأكولًا لا يُقصد لحمه وهو من غير جنس اللحم، فهذا يشبه المزابنة بين الجنسين كبيع صُبْرة تمرٍ بصبرة زبيب (٢)، وأكثر الفقهاء لا يمنعون من ذلك (٣)، إذ غايته التفاضل [بين الجنسين، والتفاضلُ المتحقق جائز بينهما فكيف بالمظنون؟ وأحمد في إحدى الروايتين عنه يمنع ذلك، لا لأجل التفاضل،] (٤) ولكن لأجل المزابنة وشبه القمار، وعلى هذا فيمتنع بيع اللحم بحيوانٍ من غير جنسه، واللَّه أعلم.

[فصل [الحكمة في وجوب إحداد المرأة على زوجها أكثر مما تحد على أبيها]]

وأما قوله: "ومنع المرأة من الإحداد على أمها وأبيها وابنها (٥) فوق ثلاث، وأوجبه على زوجها أربعة أشهر وعشرًا وهو أجنبي" فيقال (٦): هذا من تمام محاسن هذه الشريعة وحكمتها ورعايتها لمصالح العباد على أكمل الوجوه؛ فإن الإحدادَ على الميت من تعظيمِ مُصيبةِ الموت التي كان أهلُ الجاهلية يبالغون فيها أعظمَ مبالغة، ويُضيفون إلى ذلك شق الجيوب، ولَطمِ الخدود، وحلق الشعور، والدعاء بالويل والثبور، وتمكث المرأة سنة في أضيق بيت وأوحشه لا تَمسُّ طيبًا ولا تَدَّهن ولا تغتسل إلى غير ذلك (٧) مما هو سَخطٌ (٨) على الرب تعالى وأَقْدَارِه،


(١) في المطبوع: "غير مقصود به اللحم".
(٢) "الصبرة: الكومة من الطعام، ويقال: اشترى الطعام صبرة: جزافًا بلا كيل أو وزن" (و).
(٣) انظر بسط المسألة ومذاهب العلماء في "الإشراف" (٢/ ٤٦٥ مسألة ٧٨٢ - بتحقيقي) للقاضي عبد الوهاب، كتاب "بيع الغرر في الفقه الإسلامي" لأستاذنا ياسين درادكة.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) وأثبتها الناسخ في هامش (ق).
(٥) في المطبوع: "على أمها وأبيها"، وفي (ق): "على أبيها وابنها".
(٦) في (ك): "فصل".
(٧) كما هو ثابت في "صحيح البخاري" (٥٣٣٦) و (٥٣٣٧) في الطلاق: باب مراجعة الحائض، و (٥٣٣٨) باب الكحل للحادَّة، و (٥٧٠٦) في الطب: باب الأثمد والكحل من الرمد، ومسلم (١٤٨٨) و (١٤٨٩) في الطلاق: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، من حديث أم سلمة.
(٨) في المطبوع: "تسخُّط"، وفي (ق) و (ك): "مسخطة".

<<  <  ج: ص:  >  >>