للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبايعة يوميًا والقبض عند رأس الشهر]

المثال التاسع (١) والستون: اختلف (٢) الفقهاء في جواز البيع بما ينقطع به السعر من غير تقدير الثمن وقت العقد (٣)، وصورتها البيع ممن يعامله من خبّاز أو (٤) لحّام أو (٤) سمّان أو (٤) غيرهم، يأخذ منه كل يوم شيئًا معلومًا ثم يحاسبه عند رأس الشهر أو السنة على الجميع ويعطيه ثمنه (٥)، فمنعه الأكثرون وجعلوا القبض به غير ناقل للملك (٦)، وهو قبض فاسد يجري مجرى المقبوض بالغَصْب؛ لأنه مقبوض بعقد فاسد. هذا، وكلهم إلا من شدَّد على نفسه يفعل ذلك، ولا (٧) يجد منه بدًا، وهو يفتي ببطلانه، وأنه باقٍ على ملك البائع (٨)، ولا يمكنه التخلص من ذلك إلا بمساومته له عند كل حاجة يأخذها قلَّ ثمنها أو أكثر، كان كان ممن شَرَطَ الإيجاب والقبول لفظًا، [فلا بد مع المساومة أن يقرن بها الإيجاب والقبول لفظًا] (٩).

والقول الثاني -وهو الصواب المقطوع به، وهو عمل الناس في كل عصر ومصر- جواز البيع بما ينقطع به السعر، وهو منصوص الإمام أحمد، واختاره شيخنا (١٠)، وسمعتُه يقول: هو أطيب لقلب المشتري من المساومة، يقول: لي أسوةٌ بالناس آخذ بما يأخذ به غيري، قال رحمه اللَّه ورضي عنه: والذين يمنعون من ذلك لا يمكنهم تركه، بل هم واقعون فيه، وليس في كتاب اللَّه تعالى ولا سنة رسوله (١١) ولا إجماع الأمة ولا قول صاحب ولا قياس صحيح ما يحرِّمه، وقد أجمعت الأمة على صحة النكاح بمهر المثل، وأكثرهم يجوِّز (١٢) عقد الإجارة بأجرة المثل كالنكاح (١٣) والغَسَّال والخبَّاز والملَّاح وقيّم الحَمّام والمكاري (١٤)، والبيع بثمن المثل كبيع ماء الحمام، فغاية البيع بالسعر أن يكون بيعًا (١٥) بثمن


(١) في (ك) و (ق): "السابع".
(٢) في المطبوع: "اختلفت".
(٣) في (ن): "وقت بيع العقد".
(٤) في (ك) و (ق): "و".
(٥) انظر: هذا المبحث في "بداع الفوائد" (٤/ ٥١، ٧٥) للمصنف.
(٦) في (ن) و (ق): "غير ناقل بذلك ".
(٧) في (ك): "لا" دون واو.
(٨) في (ك): "الدافع".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(١٠) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٢٣٢ - ٢٣٣).
(١١) في (ك): "رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(١٢) في المطبوع و (ك): "يجوزون".
(١٣) في هامش (ق): "لعله: كالطباخ".
(١٤) المُكاري: "الذي يكري الدواب" (و).
(١٥) في المطبوع: "بيعه".

<<  <  ج: ص:  >  >>