للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسؤالُ السائلِ ينبني على صحة حديث الأمر (١) بالوضوء منه وأنه للوجوب، ونحن نجيبه على هذا التقدير، فنقول:

هذا من كمال الشريعة وتمام محاسنها، فإن مَسَّ الذكر مُذكِّرٌ بالوطء، وهو في مظنة الانتشار [غالبًا، والانتشار] (٢) الصادر عن المس (٣) في مظنة خروج المذيّ (٤) ولا يشعر به؛ فأُقيمت هذه المظنة مقام الحقيقة لخفائِها وكثرةِ وجودها، كما أقيم النوم مقامِ الحدث، وكما أقيم لمس المرأة [بشهوة] (٥) مقام الحدث (٦). وأيضًا فإن مس الذَّكر يوجب انتشار حرارة الشهوة وثورانها في البدن، والوضوء يُطفيء [تلك] (٧) الحرارة، وهذا مشاهدٌ بالحس، ولم يكن الوضوء من مسه لكونه نجسًا، ولا لكونه مَجْرى النجاسة حتى يُورد السائلُ مس العذرة والبول، ودعواه مساواة (٨) مس الذكر للأنف من أكذب الدعاوى وأبطل القياس، وباللَّه التوفيق (٩).

[فصل [الحكمة في إيجاب الحد بشرب قطرة من الخمر]]

وأما قوله: "أوجب الحدَّ في القطرة الواحدة من الخمر دون الأرطال الكثيرة من البول" فهذا أيضًا من كمال [هذه] (١٠) الشريعة، ومطابقتها للعقول والفِطر،


= مستحب لا واجب، وهكذا صرح به الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، وبهذا تجتمع الأحاديث والآثار بحمل الأمر به على الاستحباب، ليس فيه نسخ قوله: "وهل هو إلا بضعة منك؟ " وحمل الأمر على الاستحباب أولى من النسخ".
قال أبو عبيدة -عفى اللَّه عنه-: وبما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية أخذٌ بالأحاديث والآثار كلها، والعمل بها جميعًا خير من إهمال بعضها، ولعدم ورود رواية صحيحة تدل على النسخ، واللَّه أعلم.
(١) في (ق): "الحديث بالأمر".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق) و (ك).
(٣) في (ق) و (ك): "المني"، وأشار في هامش (ق) إلى أنه في نسخة: "المذي".
(٤) في (ك): "المني".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق) و (ك).
(٦) انظر تفصيل المسألة وأدلتها في "الخلافيات" (٢/ ٢٢٣ - ٣١٠) مع تعليقي عليه.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك).
(٨) في (د) و (ك): "بمساواة".
(٩) انظر: "تهذيب السنن" (١/ ١٣٣ - ١٣٥، ٣/ ٢٤٨) للمصنف -رحمه اللَّه-.
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>