للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعدل الصلح، فإن اللَّه سبحانه أباح للرجل أن يطلق زوجته ويستبدل بها غيرها، فإذا رضيت بترك بعض حقها وأخذ بعضه وأن يمسكها كان هذا من الصلح العادل، وكذلك أرشد الخصمين اللذين كانت بينهما المواريث (١) بأن يتوخيا الحق بحسب الإمكان ثم يحلل كل منهما صاحبه (٢)؛ وقد أمر اللَّه [سبحانه] (٣) بالإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين أولًا، فإن بغت إحداهما على الأخرى فحينئذٍ أمر بقتال الباغية لا بالصلح فإنها ظالمة، ففي الإصلاح مع ظلمها هضم لحق الطائفة المظلومة، وكثير من الظلمة المصلحين يصلح بين القادر والظالم والخصم الضعيف المظلوم، بما يَرْضَى به القادر رضًى لصاحب الجاه (٤)، ويكون له فيه الحظ، ويكون الإغماص والحيف فيه على الضعيف، ويظن أنه قد أصلح، ولا يتمكن (٥) المظلوم من أخذ حقه، وهذا ظلم، بل يُمكَّن المظلوم من استيفاء حقه، ثم يُطلب إليه برضاه أن يَتْرك بعض حقه بغير محاباة لصاحب الجاه، ولا يشتبه (٦) بالإكراه للآخر بالمحاباة ونحوها.

[فصل [الصلح إما مردود وإما جائز نافذ]]

والصلح الذي يُحل الحَرام ويُحَرِّم الحلال كالصلح الذي يتضمن تحريم بُضْعٍ حلال، أو حل (٧) بُضْعٍ حرام، أو ارقاق حُر، أو نقل نسب [أو ولاء] (٨) عنَ محل إلى محل، أو أكل ربًا، أو إسقاط واجب، أو تعطيل حد، أو ظلم ثالث، وما أشبه ذلك؛ فكل هذا صلح جائر مردود.

فالصلح الجائز بين المسلمين هو الذي يعتمد فيه رضى اللَّه [سبحانه] (٣)


= وحسنه كذلك الحافظ في "الإصابة" (٤/ ٣٣٠) في ترجمة (سودة)، وذكره في "الفتح" (٩/ ٣١٣) ساكتًا عنه.
وفي "طبقات ابن سعد" روايات مرسلة تشهد لهذا.
وروى البخاري (٥٢١٢)، ومسلم (١٤٦٣) هبة سودة يومها لعائشة؛ لكن ليس فيه ذكر السبب، قالت عائشة: فلما كبرت جعلت يومها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعائشة، قالت: يا رسول اللَّه! قد جعلت يومي منك لعائشة.
(١) في (ن) و (ق): "كان بينهما إرث".
(٢) إسناده حسن، وقد سبق تخريجه قريبًا.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في المطبوع (ن): "بما يرضى به القادر صاحب الجاه".
(٥) في المطبوع: "ولا يمكن".
(٦) في (ن): "ولا يشير"، وفي (ق) و (ك): "ولا يشبه".
(٧) في المطبوع: "أو إحلال".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>