(٢) إن من ينظر في هذا الكلام دون نسبته لابن القيم، يحسبه لكاتب حديث مقتدر يصور به حالة المجتمع الإسلامي الآن، حيث كثر فيه السراق بأقلامهم، وألسنتهم وأمانتهم وتدينهم الكاذب وتظاهرهم بالصلاح والزهد المفتعلين، وبصفة أخص بالخداع والمكر والغش في كل معاملة تقريبًا إلا من عصم ربك، وقليل ما هم، حتى أصبح الشخص المستقيم الذي لا يتحيل ولا يتمسح، ولا يداهن ولا ينافق في المجتمع الفاسد متهمًا بالبله أو الغباء، أو عدم الفهم لمنطق الحياة في أحسن افتراضاتهم. وهكذا عم البلاء وطم في غفلة من الشعور الديني الصادق السليم، أو تخديره حتى أمسى عند الأكثرية في شبه غيبوبة طويلة لا صحو بعدها، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم. والمتحيلون بالدين أخطر على مجتمعاتهم من اللصوص بأيديهم، لأن هؤلاء أتوا البيوت من أبوابها، أما أولئك فقد قلبوا مقاصد الشرع والدين، وعظم بهم الخطب وصعب الاحتراز منهم. ويليهم في الخطورة السراق بأقلامهم لأن تأثيرهم على مجتمعاتهم أوسع وأعمق، بحكم سيطرتهم على وسائل الإعلام من كتب ومجلات وصحافة وإذاعة مسموعة ومرئية، وأفلام وتمثيل، وغير ذلك من شعر وغناء ورقص ونحت ورسم، قاله محمد بن إبراهيم في كتابه "الحيل الفقهية" (ص ١٧٠ - ١٧١). (٣) ما بين المعقوفتين من (ك) فقط.