للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الغنيمة فلأن يُحرق مالُه إذا حَرقَ مالَ المسلم المعصوم أولى وأحرى، وإذا شُرعت العقوبة المالية (١) في حَقِّ اللَّه الذي مسامحته به أكثر من استيفائه فلأن تُشرع في حق العبد الشحيح أولى وأحرى، ولأن اللَّه سبحانه شرع القصاص زجرًا للنفوس عن العدوان، وكان من الممكن أن يوجبَ الدية استدراكًا لظلامة المجني عليه بالمال، ولكن ما شرعه أَكمل وأَصلح للعباد، وأشفى لغيظ المجني عليه (٢)، وأحفظ للنفوس والأطراف، وإلا فمن كان في نفسه من الآخر مِنْ قَتْله وقَطْع (٣) طرفه قَتَله وقَطَع (٣) طَرَفَه وأعطى ديته، والحكمة والرحمة والمصلحة تأبى ذلك، وهذا بعينه موجود في العدوان على المال.

فإن قيل: فهذا ينجبرُ (٤) بأن يعطيه نظيرَ ما أتلفه عليه.

قيل: إذا رضي المجني عليه بذلك فهو كما لو رضي بدية طرفه، [فهذا هو محض القياس] (٥)، وبه قال الأحمدان: أحمد بن حنبل وأحمد ابن تيمية (٦)، قال في رواية موسى بن سعيد: وصاحب الشيء مُخيَّر (٧)، إن شاء شَقَّ الثوبَ، وإن شاء [أخذ] (٨) مثله.

[كيف يُجزى الجاني على العرض؟]

المسألة الثالثة: الجناية على العِرْض، فإن كان حرامًا في نفسه كالكذب عليه وقَذفهِ وسَبِّ والديه فليس له أن يَفعل به كما فُعل به اتفاقًا، وإن سَبَّه في نفسه أو


= وروى أيضًا (رقم ٢٧١٥) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه، قال أبو داود وزاد فيه علي بن بحر عن الوليد -ولم أسمعه منه-:
"ومنعوه سهمه"، وصالح بن محمد بن زائدة أبو واقد الليثي، وهو ليس ممن يحتج به، ورواه مرفوعًا، وهذا الذي ذكره عن الوليد -وهو ابن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم- أصح من المرفوع، كما قال أبو داود، وانظر: "عون المعبود" (٧/ ٣٨٣)، "تفسير القرطبي" (٤/ ٢٥٩). وهذا أحد الروايتين عن أحمد، انظر: "تقرير القواعد" (٢/ ٤٠٤ - بتحقيقي) لابن رجب.
(١) كما هو مبسوط في "الطرق الحكمية". وانظر: "العقوبة بالغرامة المالية" للدكتور ماجد أبو رخية، منشورات مكتبة الأقصى، عمان.
(٢) في (ق) و (ك): "وأشفى للغيظ عليه".
(٣) في المطبوع: "أو قطع".
(٤) في (ق): "تخيير".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٦) انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (١٨/ ١٦٧ - ١٦٩).
(٧) في (د): "يخير" وفي (ك): "مختار".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>