للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجزاء المشروط عن نفسه وعن غيره، وإيجاب الزيادة إنما يرفع إجزاء المزيد عن نفسه خاصة.

الوجه العاشر: أن الناس متفقون على أن إيجاب عبادة مستقلة بعد الثانية لا يكون نسخًا، وذلك أن الأحكام لم تُشرع جملةً واحدة، وإنما شرعها أحكم الحاكمين شيئًا بعد شيء، وكل منها زائد على ما قبله، وكان ما قبله جميع الواجب، والإثم محطوط عمَّن اقتصر عليه، وبالزيادة تغير هذان الحكمان؛ فلم يَبْقَ الأولُ جميعَ الواجب، ولم يحط الإثم عمن اقتصر عليه، ومع ذلك فليس الزائد ناسخًا للمزيد عليه؛ إذ حكمُه من الوجوب [وغيره] (١) باقٍ؛ فهكذا (٢) الزيادة المتعلِّقة بالمزيد لا تكون نسخًا له (٣)، حيث لم تَرفعْ حكمه، بل هو باقٍ على حكمه وقد ضم إليه غيره.

يوضحه الوجه الحادي عشر: أن الزيادة وإنْ (٤) رفعت حكمًا خطابيًا كانت نسخًا، وزيادة التغريب وشروط الحكم وموانعه (٥) لا ترفع حكمَ الخِطاب، وإن رفع حكم الاستصحاب.

يوضحه الوجه الثاني عشر: أن ما ذكروه من كون الأول جميع الواجب وكونه مُجْزئًا وحده وكون الإثم محطوطًا عن المقتصر عليه (٦) إنما هو من أحكام البراءة الأصلية؛ فهو حكم استصحابي لم نستفده من لفظ الأمر الأول، ولا أُريد به؛ فإنَّ معنى كون العبادة مُجزئة أن الذمة بريئة بعد الإتيان بها، وحط الذم عن فاعلها معناه أنه قد خرج من عُهدة الأمر فلا يلحقه ذم، والزيادة وإن رفعت هذه الأحكام لم ترفع حكمًا دلَّ عليه لفظ المزيد.

[[تخصيص القرآن بالسنة جائز]]

يوضحه الوجه الثالث عشر: أن تخصيص القرآن بالسنة جائز؛ كما أجمعت


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في المطبوع و (ن): "فهذه".
(٣) في المطبوع: "ناسخًا له".
(٤) في المطبوع: "إن".
(٥) بعدها في المطبوع "وحراحق" هكذا، قال (د): "كذا بالأصول، وربما كانت هذه الكلمة مصحفة عن "وجزائه" أو نحو ذلك".
وقال (و): "هكذا بكل نسخه"، ونحوه في (ط)، قلت: وهي ساقطة من (ق) ورسمها في (ك) غير واضح!!
(٦) في المطبوع: "عمن اقنصر عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>