للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للخاطب والمعامل والشاهد والطبيب! (١).

فإن قلت: فهذا كله على خلاف القياس.

قيل: إن أردت أن الفَرْع اختصَّ بوصف أوجب (٢) الفرق بينه وبين الأصل فكل حكم استند إلى هذا الفرق الصحيح فهو على خلاف القياس [الفاسد] (٣)، وإن أردت أن الأصل والفرع استويا في المقتضي والمانع واختلف حكمهما فهذا باطل [قطعًا] (٤)، ليس في الشريعة منه مسألة واحدة، والشيءُ إذا شابه غيرَهُ في وصفٍ وفارَقَه في وصفٍ كان اختلافُهما في الحكم باعتبار الفارق مخالفًا لاستوائهما باعتبار الجامع.

[[أقيسة أبطلها القرآن]]

وهذا هو القياس الصحيح طردًا وعكسًا، وهو التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، وأما التسوية بينهما في الحكم مع افتراقهما فيما يقتضي الحكم أو يمنعه فهذا هو القياس الفاسد الذي جاء الشرع دائمًا بإبطاله، كما أبطل قياس الربا على البيع، وقياس الميتة على المُذكَّى وقياس المسيح [عيسى عليه الصلاة والسلام] (٣) على الأصنام، وبيّن الفارق بأنه عبدٌ أنعم عليه بعبوديته ورسالته، فكيف يعذِّبه بعبادةِ غيره له مع نهيه عن ذلك وعدم رضاه به؟ بخلاف الأصنام، فمن قال: "إن الشريعة تأتي بخلاف القياس الذي هو من هذا الجنس" فقد أصاب، وهو من كمالِها واشتمالِها على العَدْل والمصلحة والحكمة، ومن سَوَّى بين الشيئين لاشتراكهما في أمر من الأمور يلزمه أن يسوّي بين كل موجودين لاشتراكهما في مُسمَّى الوجود.

[[القياس الفاسد أصل كل شر]]

وهذا من أَعظم الغلط والقياس الفاسد الذي ذمَّه السلف، وقالوا: "أوَّل من قاس إبليس" (٥)، و"ما عُبِدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس" (٦)، وهو القياس الذي


(١) انظر في هذا: "النظر في أحكام النظر بحاسة البصر" (٣٧٩ - ٣٨٦) لابن القطان الفاسي.
(٢) في (د): "يوجب".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) مضى تخريجه (١/ ٤٦٧).
(٦) مضى تخريجه (١/ ٤٦٧، ٤٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>