للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي عليها المعوَّل، وهي محل التحليل والتحريم، واللَّه تعالى لا ينظر إلى صُورَها وعباراتها التي يكسوها إياها العبد، وإنما ينظر إلى حقائقها وذواتها، واللَّه الموفق (١).

[فصل [الجواب عن قولهم: إن الحيل معاريض فعلية]]

وأما تمسكهم بجواز المَعَاريض وقولهم: "إن الحيل معاريضٌ فِعْلية على وزان المعاريض القولية" فالجواب من وجوه:

أحدها: أن يقال: ومَنْ سلَّم لكم أن المعاريض إذا تضمنت استباحَةَ الحرام وإسقاطَ الواجبات وإبطالَ الحقوق كانت جائزة؛ بل هي من الحيل القولية، وإنما تجوز المَعَاريض إذا كان فيها تخلُّص من ظالم، كما عَرَّضَ الخليل بقوله: "هذه أختي" (٢)، فإذا تضمنت نصر الحق أو إبطال باطل كما عرَّض الخليل بقوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: ٨٩]، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: ٦٣]، وكما عرض المَلَكَان (٣) لداود بما ضرباه له من المثال الذي نسباه إلى أنفسهما، وكما


(١) في (ك) و (ق): "وباللَّه التوفيق".
(٢) قطعة من حديث: "لم يكذب إبراهيم إِلا ثلاث كذبات":
رواه البخاري (٣٣٥٧) في "أحاديث الأنبياء": باب قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} و (٥٠٨٤) في "النكاح": باب اتخاذ السراري مختصرًا، ومسلم (٢٣٧١) في "الفضائل": باب من فضائل إبراهيم الخليل -صلى اللَّه عليه وسلم- مطولًا من طريق جرير بن حازم عن أيوب السختياني عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا به.
ورواه البخاري (٣٣٥٨)، و (٥٠٨٤) من طريق حماد بن زيد عن أيوب به موقوفًا على أبى هريرة.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٦/ ٣٩١): والحديث في الأصل مرفوع كما في رواية جرير بن حازم وكما في رواية هشام بن حسان عن ابن سيرين. . . وكذا تقدم في البيوع من رواية الأعرج عن أبي هريرة مرفوعًا، ولكن ابن سيرين كان غالبًا لا يصرح برفع كثير من حديثه.
أقول: رواية هشام بن حسان عند أبي داود (٢٢١٢)، وأبي يعلى (٦٠٣٩)، وابن حبان (٥٧٣٧)، ورواية الأعرج هي عند البخاري (٢٢١٧، و ٢٦٣٥ و ٦٩٥٠) وهي في قصة سارة فقط لم يتعرض للكذبات الأخرى، وانظر كتابي "من قصص الماضين" (ص ٩٠).
(٣) "هما خصمان، لا ملكان" (و).

<<  <  ج: ص:  >  >>