للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام أحمد: أحَبُّ إليَّ أن يدفعه إليه حتى يقضي هو عن نفسه، قيل: هو محتاجٌ يخاف أن يدفع إليه فيأكله ولا يقضي دينه، قال: فقيل له: يوكله حتى يقضيه (١). والمقصود أنه متى فعل ذلك حيلةً لم تسقط عنه الزكاة [بما دفعه] (٢)؛ فإنه لا يحل له مطالبة المعسر، وقد أسقط اللَّه عنه المطالبة، فإذا توصَّل إلى وجوبها بما يدفعه إليه فقد دفع إليه شيئًا ثم أخذه، فلم يخرج [منه شيء] (٣)، فإنه لو أراد الآخذُ التصرفَ في المأخوذ وسد خَلَّته منه لما أمكنه (٤)، فهذا هو الذي لا تسقط (٥) عنه الزكاة، فأما لو أعطاه عطاءً قطع طمعه من عَوْده إليه ومَلَّكه ظاهرًا وباطنًا (٦) ثم دفع إليه الآخذ دينه من الزكاة فهذا جائزٌ كما لو أخذ الزكاة من غيره ثم دفعها إليه، واللَّه أعلم.

[فصل [إبطال حيلة لتجويز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها]]

ومن الحيل الباطلة التحيل على نفس ما نهى عنه الشارع من بيع الثمرة قبل بُدُوِّ صلاحها والحب قبل اشتداده (٧)، بأن يبيعه ولا يذكر تبقيته ثم يخلّيه إلى وقت كماله فيصح البيع ويأخذه وقت إدراكه، وهذا هو نفس ما نهَى عنه الشارع إن لم يكن فعله بأدنى الحيل، ووجه هذه الحيلة أن موجَبَ العقد القطع، فيصح وينصرف إلى موجبه، كما لو باعها بشرط القطع، ثم القطع حقٌّ لهما [لا يَعْدُوهما] (٨)، فإذا اتفقا على تركه جاز.

[[بطلان الحيلة]]

ووجه بطلان هذه الحيلة أن هذا هو الذي نهى عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعينه للمفسدة التي يُفضي إليها من التشاجر والتشاحن (٩)، فإن الثمار تصيبها العاهات كثيرًا، فيُفْضِي بيعها قبل كمالها إلى أكْلِ مال المشتري بالباطل، كما علَّل به


(١) في هامش (ق): "لعله: قال: نعم".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "شيئًا".
(٤) في (ك) و (ق): "مكنه".
(٥) في (ك) و (ق): "يسقط".
(٦) في (ك): "باطنا وظاهرا".
(٧) سبق تخريجه.
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٩) في (ك) و (ق): "التشاحن والتشاجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>