للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنسى إحداهما، بخلاف الأداء، فإنه ليس [في] (١) الكتاب ولا في السنة أنه لا يحكم إلا بشهادة امرأتين، ولا يلزم من الأمر باستشهاد المرأتين وَقْتَ التحمل ألا يحكم بأقل منهما؛ فإنه سبحانه (٢) أمر باستشهاد رجلين في الديون، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان، ومع هذا فيحكم بشاهد واحد (٣) ويمين الطالب، ويحكم بالنكول والرد وغير ذلك.

فالطرق التي يحكم بها الحاكم أوْسَعُ من الطرق التي أرشَدَ اللَّه صاحبَ الحق إلى أن يحفظ حقه بها، وقد ثبت في "الصحيح" عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سأله عقبة بن الحارث، فقال: "إني تَزَوَّجْتُ امرأة، فجاءت أمة سوداء، فقالت: إنها أرضَعَتْنَا" فأمره بفراق امرأته، فقال: "إنها كاذبة"، فقال: "دَعْهَا عنك" (٤) ففي هذا قَبُول شهادة المرأة الواحدة، وإن كانت أَمَةً، وشهادتها على فعل نفسها، وهو أصل في شهادة القاسم والخارِص والوَزان والكَيَّال [على فعل نفسه] (٥).

[فصل [وجوب معرفة هذا الأصل العظيم]]

وهذا أصل عظيم؛ فيجب [أن يُعرف، غلط فيه] (٦) كثير من الناس؛ فإن اللَّه [سبحانه] (٧) أمر بما يُحْفَظُ به الحقُّ فلا (٨) يحتاج معه إلى يمين صاحبه -وهو الكتاب والشهود- لئلا يجحد الحق [أو ينسى] (٧)، ويحتاج صاحبه إلى تذكير مَنْ لم يذكر، إما جُحُودًا واما نسيانًا، ولا يلزم من ذلك أنه إذا كان هناك ما يدل على الحق لم يقبل إلا هذه الطريق التي أمره أن يحفظ حقَّه بها.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٢) في (ق): "فإن اللَّه سبحانه".
(٣) في (ن): "فيحكم بشهادة واحد".
(٤) أخرجه البخاري في "الصحيح" (رقم ٢٦٦٠): كتاب (الشهادات): باب شهادة المرضعة، و (رقم ٥١٠٤) (كتاب النكاح): باب شهادة المرضعة عن عقبة بن الحارث.
وأصل الحديث في مواطن من "صحيح البخاري"، هي: (رقم ٨٨): (كتاب العلم): باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله، و (رقم ٢٠٥٢): (كتاب البيوع): باب تفسير المشبَّهات و (رقم ٢٦٤٠): (كتاب الشهادات): باب إذا شهد شاهد أو شهود بشيء فقال آخرون: ما علمنا ذلك.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٦) في (ق): "أن يعرف فيه غلط كثير".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) في (ق): "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>