للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[تحقيق رأي عمر في طلاق المكره]]

قلت: قد اختلف على عمر، فقال إسماعيل بن أبي أويس: حدثني عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي، عن أبيه، أن رجلًا تَدَلّى يَشْتَارُ عسلًا في زمن عمر -رضي اللَّه عنه-، فجاءته امرأته فوقفت على الحبل، فحلفت لتقطعنَّه، أو لتطلقني ثلاثًا، فذكَّرها اللَّه والإسلام، فأبت إلا ذلك، فطلَّقها ثلاثًا، فلما ظهر أتى عمر فذكر له ما كان منها إليه و [ما كان] منه إليها، فقال: ارجع إلى أهلك فليس (١) هذا بطلاق (٢)، تابعه عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الملك (٣)، وهو المشهور عن عمر. وقال أبو عبيد: حدثني يزيد، عن عبد الملك بن قدامة، عن أبيه، عن عمر بهذا، لكنه (٤) قال: فرفع إلى عمر فأبانها منه (٥)، قال أبو عبيد: "وقد روي عن عمر خلافه"، ولم يصح عن أحد من الصحابة تنفيذ طلاق المكره سوى هذا الأثر عن عمر، وقد اختلف فيه عنه، والمشهور أنه ردها إليه (٦)، ولو صح إبانتها (٧) منه لم يكن صريحًا في الوقوع، بل لعله رأى من المصلحة التفريق بينهما، وأنهما لا يتصافيان بعد ذلك، فألزمه بإبانتها.

[[رأي شريح وإبراهيم والشعبي]]

ولكن الشعبي (٨) وشريح (٩) وإبراهيم (١٠) يجيزون طلاق المكره حتى قال


(١) في (ك): "وليس".
(٢) رواه البيهقي في "سننه الكبرى" (٧/ ٣٥٧) من طريق الحسن بن علي بن زياد ثنا ابن أبي أويس به، قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (٣/ ٢١٦): وهو منقطع؛ لأن قدامة لم يدرك عمرًا.
ووقع في (ق): "عبد الملك بن أبي قدامة"، وما بين المعقوفتين منها.
(٣) ذكر هذه المتابعة البيهقي في "سننه" (٧/ ٣٥٧)، وابن حزم في "محلاه" (١٠/ ٢٠٢).
(٤) في المطبوع: "ولكنه".
(٥) أخرجه أبو عبيد في "الغريب" (٣/ ٣٢٣) ومن طريقه البيهقي (٧/ ٣٥٧)، وقال: "وقد روي عن عمر خلافه"، والحديث منقطع، ومعنى يشتار: يجتني، وانظر: "مسند الفاروق" (١/ ٤١٦ - ٤١٧).
(٦) وكذا قال ابن كثير في "مسند الفاروق" (١/ ٤١٧).
(٧) في (ق): "فأبانها".
(٨) نقل عنه البخاري في "صحيحه" خلاف المذكور عنه هنا، انظر (٩/ ٣٨٨ - مع "الفتح"). وسيأتي عنه تفصيل قريبًا.
(٩) روى سعيد بن منصور -ومن طريقه البيهقي (٧/ ٣٥٩) - وعبد الرزاق (١١٤٢٣) عن شريح قال: القيد كره، والوعيد كره، والسجن كره.
(١٠) روى سعيد بن منصور (١١٣٠) وعبد الرزاق (١١٤١٩) عن إبراهيم أنه كان يرى طلاق المكره جائزًا: وانظر: "المحلى" (١٠/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>