للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يحل من شروط الواقفين؛ إذ القصد بيان بطلان هذه الحيلة شرعًا وعرفًا ولغةً.

[فصل [إبطال حيلة لإبرار من حلف ألا يفعل ما لا يفعله بنفسه عادة]]

ومن الحيل الباطلة ما لو حلف أن لا يفعل شيئًا، ومثله لا يفعله نفسه أصلًا، كما لو حلف السلطان أن لا يبيع كذا، ولا يحرث هذه الأرض ولا يزرعها، ولا يُخرج هذا من بلده، ونحو ذلك، فالحيلة أن يأمر غيره أن يفعل ذلك، ويبر في يمينه، إذا لم يفعله بنفسه، وهذا من أبرد الحيل وأسمجها وأقبحها، وفعل ذلك هو الحنث الذي حلف عليه بعينه، ولا يشك في أنه حانث، ولا أحد من العقلاء، وقد علم اللَّه ورسوله والحَفَظَة -بل والحالف نفسه (١) - أنه إنما حلف على نفي الأمر والتمكين من ذلك، لا على مباشرته، والحيل إذا أفْضَتْ إلى مثل هذا سمجت غاية السماجة، ويلزم أرباب الحيل والظاهر أنهم يقولون: إنه إذا حلف أن لا يكتب لفلان توقيعًا ولا عهدًا ثم أمر كُتَابه أن يكتبوه له، فإنه لا يحنث، سواء كان أميًا أو كاتبًا، وكذلك إذا حلف أن لا يحفر هذا (٢) البئر، ولا يَكْرِيَ هذا النهر، فأمر غيره بحَفْره وإكرائه أنه لا يحنث.

فصل [إبطال حيلة لمن حلف لا يفعل شيئًا ففعل بعضه]

ومن الحيل الباطلة لو حلف لا يأكل هذا الرغيف، أو لا يسكن في [هذه] (٣) الدار هذه السنة، أو لا يأكل هذا الطعام، [قالوا: يأكل] (٤) الرغيف ويدع [منه] (٥) لقمة واحدة، ويسكن السنة كلها إلا يومًا واحدًا، ويأكل الطعام كله إلا القَدْرَ اليسير منه ولو أنه لقمة.

وهذه الحيلة باطلة باردة (٦)، ومتى فعل ذلك فقد أتى بحقيقة الحِنْث، وفَعَلَ


(١) في (ق): "بل هو نفسه".
(٢) في (ق): "هذا".
(٣) ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ك) و (ق): "فليأكل".
(٥) سقط من (ق).
(٦) في (ق): "وهذه حيلة باردة باطلة" وفي (ك): "وهذه حيلة باطلة باردة".

<<  <  ج: ص:  >  >>