للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[في الآيتين دليل على خمسة مطالب]]

وجعل ذلك آيةً ودليلًا على خمسة مطالب، أحدها: وجود الصانع، وأنه الحق المبين، وذلك يستلزم إثبات صفات كماله وقدرته وإرادته وحياته وعلمه وحكمته ورحمته وأفعاله. الثانى: أنه يحيي الموتى. الثالث: عمومُ قدرته على كل شيء. الرابع: إتيان الساعة وأنها لا ريب فيها. الخامس: أنه يخرج الموتى من القبور كما يخرج (١) النبات من الأرض.

[لِمَ تكرر الاستدلال بإخراج النبات من الأرض على إخراج الموتى؟]

وقد كَرَّر سبحانه ذكر هذا الدليل في كتابه مرارًا؛ لصحة مقدماته، ووضوح دَلَالته، وقُرْب تَنَاوله، وبُعْده من كل معارضة وشُبْهة، وجَعَلَه تبصرةً وذكرى كما قال تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨)} [ق: ٧، ٨].

[[التذكر]]

فالمنيب إلى ربِّه يتذكَّر بذلك، فإذا تذكَّر تبصَّرَ به، فالتذكُّر قبل التبصُّر، وإن قُدِّمَ (٢) عليه في اللفظ كما قال [تعالى] (٣): {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١)} [الأعراف: ٢٠١]، والتذكر: تَفَعُّلٌ من الذِّكر، وهو حصول (٤) صورة من المذكور في القلب، فإذا استحضره القلبُ وشاهدَهُ على وَجْهه أوْجَبَ له [البصيرة، فابْصَرَ] (٥) ما جُعل دليلًا عليه، فكان في حقه تبصرةً وذكرى، والهدى مداره على هذين الأصلين: التَّذكُّر، والتَّبصُّر.

[[دعوة الإنسان إلى النظر]]

وقد دعا سبحانه الإنسانَ إلى أن ينظر في مبدأ خلقه [ورزقه] (٣)، ويستدل بذلك على مَعَاده وصِدْق ما أخبرت به الرسل؛ فقال في الأول: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ


(١) في (د): "أخرج".
(٢) زاد هنا في (ك): "فاضلة".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في المطبوع: "صورة المذكور"، وله وجه.
(٥) في (ن) و (ك): "الصبر، فالصبر"، وفي (ق): "البصر، فالبصر"، ولعل الصواب ما أثبتناه وهو من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>