(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق). (٣) في (ق): "ينجسه". (٤) انظر: "المحلى" (١/ ١٣٥ - ١٣٦ - ط: شاكر). وقد اعتنى العلماء بهذه المسألة، وأكثروا من الكلام على ابن حزم، وأغلظوا عليه، وتجاوزوا الحدّ في الحط عليه، وإن أصابوا في تعقبهم هذا، ووجدت لابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (١/ ٢٨٢ - ٢٨٣) كلامًا جيدًا حول هذا التعقب، وهذا نصه: ارتكبت الظاهرية الجامدة ههنا مذهبًا شنيعًا واخترعوا في الدين أمرًا فظيعًا، منهم ابن حزم القائل: إن كل ماء راكد قلّ أو أكثر من البرك العظام وغيرها يال فيه إنسان لا يحل لذلك البائل خاصة، الوضوء منه ولا الغسل، وإن لم يجد غيره، وفرضه التيمم، وجائز لغيره الوضوء منه والغسل وهو طاهر مطهر لغير الذي بال فيه، قال: ولو تغوط فيه أو بال خارجًا منه فسال البول إلى الماء الراكد، أو بال في إناء وصبه في ذلك الماء ولم يغير له صفة: فالوضوء منه والغسل جائز لذلك المتغوط فيه والذي سال بوله ولغيره. وهذا مما يعلم بطلانه قطعًا واستبشاعه واستشناعه عقلًا وشرعًا لا جرم أخرجهم بعض الناس من أهلية الاجتهاد ومن اعتبار الخلاف في الإِجماع، بل من العلم مطلقًا، ووجه بطلان ما ادعوه -وهو من أجمد ما لهم- استواء الأمرين في الحصول في الماء وأن المقصود اجتناب ما وقعت فيه النجاسة من الماء، وليس هذا من محال الظنون، بل هو مقطوع به. وما أحسن كلام الحافظ أبي بكر بن مُفَوَّز في تشنيعه على ابن حزم، حيث قال بعد حكاية كلامه: "تأمل أكرمك اللَّه ما جمع في هذا القول من السخف وحوى من الشناعة، ثم يزعم أنه الدين الذي شرعه اللَّه تعالى وبعث به رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، واعلم أكرمك اللَّه أن هذا الأصل الذميم مربوط على ما أقول، ومخصوص على ما أُمثل: أن البائل على الماء الكثير ولو نقطة أو جزء من نقطة فحرام عليه الوضوء منه، وإن تغوط فيه حملًا أو جمع بوله في إناء شهرًا ثم صبه فيه فلم يغير له صفة جاز له الوضوء منه، فأجاز له الوضوء منه بعد حمل غائط أنزله به أو صب من بول صبه فيه، وحرمه عليه لنقطة بول بالها فيه، جلّ اللَّه تعالى عن قوله وكرَّم دينه عن إفكه". وانظر: "إحكام الأحكام" (١/ ١٣٢ - ١٣٣)، ووقع في (ق): "ينجسه فينجس".