للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابُ الرأي والقياس (١) القناطير المقنطرة، ولو كانت ألف ألف قنطار من سمن أو زيت أو شَيْرَج بمثل رأس الإبرة من البول والدم، والشعرة الواحدة من الكلب والخنزير عند من يُنجِّس شَعْرَهما، وأصحاب الظواهر والألفاظ عندهم لو وقع الكلب والخنزير بكماله أو (٢) أي ميتة كانت في أي ذائب كان من زيت أو شَيْرَج أو خَلٍّ أو دبْس أو وَدَكٍ غير السمن أُلقيت الميِّتةُ فقط، وكان ذلك المائع حلالًا طاهرًا كله، فإن وقع ما عدا الفأرة في السمن من كلب أو خنزير أو أي نجاسة كانت، فهو طاهر حلال ما لم يتغيِّر.

ومن ذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تَنْتَقِبُ المرأة ولا تلبس القُفَّازَيْنِ" (٣) يعني في الإحرام، فسوَّى بين يَدَيها ووجهها في النهي عما صنع على قدر العضو، ولم يمنعها من تغطية وجهها، ولا أمَرَها بكشفه ألبتة، ونساؤه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلم الأمة بهذه المسألةُ، وقد كُنَّ يُسْدِلْنَ على وجوههن إذا حاذاهن الركبانُ، فإذا جاوزوهن كَشَفْنَ وجوهَهن (٤)، وروى وَكيع عن شعبة عن يزيد الرشك (٥) عن مُعَاذَة العدَوية قالت: سألتُ عائشة: ما تَلْبَسُ المحرمة؟ فقالت: لا تنتقب، ولا تتلثم، وتُسْدِل الثوب على وجهها (٦)، فَجَاوَزَتْ (٧) طائفةٌ ذلك، ومنعتها من تغطية وجهها جملة، قالوا: فإذا سَدَلت على وجهها فلا تَدَعُ الثوبَ يمسُّ وجهها، فإن مسه افتَدَتْ، ولا دليل


(١) في المطبوع: "ونجس أصحاب الرأي والمقاييس".
(٢) في (ق): "و".
(٣) رواه البخاري (١٨٣٨) في (جزاء الصيد): باب ما يُنهى من الطيب للمحرم والمحرمة، من حديث ابن عمر.
(٤) أخرجه أبو داود (١٨٣٣)، وابن ماجة (٢٩٣٥)، وأحمد (٦/ ٣٠)، وابن خزيمة (٤/ ٢٠٣ - ٢٠٤)، والدارقطني (٢/ ٢٩٤، ٢٩٥)، والبيهقي (٥/ ٤٨) من طريق يزيد عن مجاهد عن عائشة، ويزيد بن أبي زياد، تغير في آخر عمره، وكان يتلقن؛ ولكن الأثر صحيح، فله شاهد يقويه.
أخرجه مالك (١/ ٣٢٨)، واسحاق بن راهويه (٢٢٥٥)، وابن خزيمة (٤/ ٢٠٣)، والحاكم (١/ ٤٥٤)، وابن حزم (٧/ ٩١) عن أسماء.
قالت: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال" ومعنى نغطي: نسدل، وإسناده صحيح.
وانظر: "الإرواء" (١٠٢٣، ١٠٢٤)، و"جلباب المرأة المسلمة" (١٠٧ - ١٠٨).
(٥) "لقب ليزيد بن أبي يزيد الضبعي، أحسب أهل زمانه" (و).
(٦) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٤٧) من طريق شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة عن عائشة، واسناده صحيح، وعلقه ابن حزم في "المحلى" (٧/ ٩١) عن وكيع به.
(٧) في (ك): "فأجازت" ووقع في (ق): "فجاوزت ذلك طائفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>