للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقصود بيان شأن التحليل عند اللَّه ورسوله]

وإنما المقصود أن هذا شأن التحليل عند اللَّه ورسوله وأصحاب رسوله، فالزمهم عمر بالطلاق الثلاث إذا جَمَعُوها ليكُفُّوا عنه إذا علموا أن المرأة تحرم به (١)، وأنه لا سبيل إلى عَوْدِها بالتحليل، فلما (٢) تغيَّر الزمانُ، وبَعُدَ العهدُ بالسنة وآثار القوم، وقامت سوق التحليل ونفقت في الناس؛ فالواجب أن يُرَدَّ الأمر إلى ما كان عليه في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وخليفته من الإفتاء بما يعطِّل سوق التحليل أو يقللها ويخفف شرها، هاذا عرض على مَنْ وفَّقَه اللَّه وبَصَّرَه بالهدى ووفَقَّهه في دينه مسألة كون الثلاث واحدة ومسألة التحليل ووَازَنَ بينهما تبين له التفاوتُ، وعلم أيُّ (٣) المسألتين أولى بالدين وأصلح للمسلمين.

فهذه حجج المسألتين قد عرضت عليك، وقد أُهديت -إنْ قبلتها- إليك، وما أظن عَمَى التقليد [إلا] (٤) يزيد الأمر على ما هو عليه، ولا تدع التوفيق (٥) يقودك اختيارًا إليه، وإنما أشرنا إلى المسألتين إشارة تُطلع العالم على ما وراءها، [وباللَّه التوفيق] (٤).

[فصل]

فقد (٦) تبين لك (٧) أمر مسألة من المسائل التي تمنع التحليل، أفتى بها المفتي، وقد قال بها بعضُ أهل العلم؛ فهي خير من التحليل، حتى لو أفتى المفتي بحلِّها بمجرد العقد من غير وَطْء لكان أعْذَرَ عند اللَّه من أصحاب التحليل، وإن اشترك كل منهما (٨) في مخالفة النص؛ فإن النصوص المانعة من التحليل المصرحة بلعن فاعله كثيرة جدًا، والصحابة والسلف مجمعون عليها، والنصوص المشترطة للدخول لا تبلغ مبلغها، وقد اختلف فيها التابعون؛ فمخالفتها أسهل من مخالفة أحاديث التحليل، والحق مُوَافقة جميع النصوص، وأن لا يترك منها شيء،


(١) سبق تخريجه.
(٢) في (و): "لمَّا" بحذف الفاء.
(٣) في (و): "أنَّ".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٥) نقلها يوسف بن عبد الهادي في "سير الحاث" (ص ٧٦) عن المصنف: "ولا يعود يدع التوفيق".
(٦) في (و): "قد" بدون الفاء.
(٧) زاد في (ك): "أن"، وفي (ق): "أن" بدل "لك".
(٨) في (ق) و (ك): "كل منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>