للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى التقديم بين يدي اللَّه ورسوله]

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ]} (١) [الحجرات: ١]، أي: لا تقولوا حتى يقول، ولا تأمروا حتى يأمر، ولا تُفْتُوا حتى يفتي، ولا تقطعوا أمرًا حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويُمْضِيه، روى (٢) علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس [-رضي اللَّه عنهما-] (١): لا تقولوا خِلَافَ الكتاب والسنة (٣)، وروى العوفي [عنه] (٤) قال: نُهُوا أن يتكلموا بين يدي كلامه (٥).

والقول الجامع في معنى الآية: لا تعجلوا بقول ولا فعل قبل أن يقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو يفعل (٦).

وقال [تعالى] (٧): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: ٢] فإذا كان رَفْعُ أصواتهم فوق صوته سببًا لحبوط أعمالهم؛ فكيف تقديم آرائهم، وعقولهم، وأذواقهم، وسياساتهم، ومعارفهم، على ما جاء به ورفعها عليه؟ أليس (٨) هذا أولى أن يكون مُحْبِطًا لأعمالهم (٩)؟.

وقال [تعالى] (٧): {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢]، فإذا جعل من لوازم الإيمان أنهم لا يذهبون مذهبًا إذا كانوا معه إلا باستئذانه؛ فأولى [أن يكون] (١٠) من لوازمه أن لا


(١) سقطت من (ق).
(٢) في (ق): "وعن".
(٣) رواه الطبري (٢٦/ ١١٦)، وابن أبي حاتم (١٠/ ٣٣٠٢ رقم ١٨٦٠٤)، كلاهما في "التفسير"، وأبو نعيم في "الحلية"، وأبو ذر الهروي في "ذم الكلام" (٢/ ١١٥ - ١١٦ رقم ٢٦٦) من طريق معاوية، عن علي به وهو في "صحيفة علي بن أبي طلحة" (٤٥٨)، وعزاه في "الدر" (٧/ ٥٤٦) لابن المنذر وابن مردويه، وعلي لم يسمع من ابن عباس بينهما مجاهد.
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ن): "عن ابن عباس".
(٥) رواه الطبري (٢٦/ ١١٦)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (١٠/ ٣٣٠٢ رقم ١٨٦٠٦)، من هذا الطريق نفسه، وعزاه في "الدر المنثور" (٧/ ٥٤٦) لهما ولابن مردويه.
ووقع في (ق): "نهوا عن أن يتكلموا".
(٦) انظر في تفسير الآية للمصنف -أيضًا- "الصواعق المرسلة" (٣/ ٩٩٦ - ٩٩٨).
(٧) سقطت من (ق).
(٨) في (ن) و (ق): "أو ليس".
(٩) نحوه في "الوابل الصيب" (٢١) للمؤلف.
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>