للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد- عن الرجل يشتري جارية ثم يعتقها من يومه ويتزوجها، أيطؤها من يومه؟ فقال: كيف يطؤها من يومه وقد وطئها ذاك بالأمس؟ هذا من طريق الحيلة، وغضب، وقال: هذا أخبث قول، وقال رجل للفُضَيلِ بن عياض: يا أبا علي استفتيتُ رجلًا في يمين حلفتُ بها، فقال لي: إن فعلتَ كذا حنثتَ، وأنا أحتال لك حتى تفعل ولا تحنث (١)، فقال له الفُضَيل: تعرف الرجل؟ [قال: نعم،] (٢) قال: ارجع إليه فاسْتَثْبِتهُ فإني أحسبه شيطانًا شبِّه لك في صورة إنسان.

[[لماذا حكم الأئمة بما سبق؟]]

وإنما قال هؤلاء الأئمة وأمثالهم هذا الكلام في هذه الحيل لأن فيها الاحتيال على تأخير صوم رمضان، وإسقاط فرائض اللَّه تعالى من الحج والزكاة، وإسقاط حقوق المسلمين، واستحلال ما حرم اللَّه من الربا والزنا، وأخذ أموال الناس وسَفك دمائهم، وفَسْخ العقود اللازمة، والكذب وشهادة الزور وإباحة الكفر، وهذه الحيل دائرة بين الكفر والفسوق، ولا يجوز أن تُنْسَب هذه الحيل إلى أحد من الأئمة، ومن نَسَبها إلى أحد منهم فهو جاهل بأصولهم ومقاديرهم ومنزلتهم من الإسلام، وإن كان بعضُ هذه الحيل قد تنفذ على أصول إمام بحيث إذا فعلها المتحيل نفذ حكمها عنده، ولكن هذا أَمرٌ غير الإذن فيها وإباحتها وتعليمها فإن إباحَتَها شيءٌ ونفوذها إذا فعلت شيء، ولا يلزم من كون الفقيه والمفتي لا يبطلها أن يبيحها ويأذن فيها، وكثير من العقود يحرمها الفقيه ثم ينفذها ولا يبطلها، ولكن الذي نَدينُ اللَّه به تحريمها وإبطالها وعدم تنفيذها، ومقابلة أربابها بنقيض مقصودهم (٣) موافقة لشرع اللَّه تعالى وحكمته وقدرته.

[[لا يجوز أن ينسب القول بجواز الحيل إلى إمام]]

والمقصود أن هذه الحيل لا تجوز أن تنسب إلى إمام؛ فإن ذلك قَدْح في إمامته، وذلك يتضمن القَدْحَ في الأمة حيث ائتمت بمن لا يصلح للإمامة [وفي


= و"مختصره" (ص ١٠٤، ١٠٥)، و"المنهج الأحمد" (١/ ٣٩٥)، و"تاريخ بغداد" (٨/ ٢٧٢)، و"الإكمال" (٢/ ٣٣١).
(١) في (ن) و (ك) و (ق): "حتى لا تفعل ولا تحنث".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ك) و (ق): "قصودهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>