للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَدًى أو على ضلالة؟ فلا بد من أن تُقِرُّوا بأنهم كانوا على هدى، فيقال لهم: فما الذي كانوا عليه غير اتباع القرآن (١) والسنن والآثار، وتقديم قول اللَّه ورسوله وآثار أصحابه (٢) على ما يخالفها، والتحاكم إليها دون قول فلان أو رأي فلان، وإذا كان هذا هو الهدى فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنَّى تؤفكون؟ فإن قالت كل فرقة من المقلدين، وكذلك يقولون: [صاحبنا] (٣) هو الذي ثبت على ما مضى عليه السلف، واقتفى منهاجهم (٤)، وسلك سبيلهم، قيل لهم: فمن سواه من الأئمة هل شارك صاحبكم في ذلك أو انفرد صاحبكم بالاتباع وحُرِمَهُ مَنْ عَدَاه؟ فلا بد من واحد من الأمرين، فإن قالوا بالثاني فهم أضَلُّ سبيلًا من الأنعام، وإن قالوا بالأول فيقال: فكيف وفقتم (٥) لقبول قول صاحبكم كله، ورد قول من هو مثله أو أعلم منه كله، فلا يردُّ لهذا قول، ولا يقبل لهذا قول، حتى كأن الصواب وَقْفٌ على صاحبكم والخطأ وَقْفٌ على من خالفه، ولهذا أنتم موكلون بنُصْرَته في كل ما قاله، وبالرد على مَنْ خالفه في كل ما قاله. وهذه حال الفرقة الأخرى معكم، ويقال:

[[نقول عن الأئمة في النهي عن تقليدهم]]

ثالث عشر: فمن قلدتموه من الأئمة قد نهوكم عن تقليدهم فأنتم أول مخالف لهم.

قال الشافعي: مثل الذي يطلب العلم بلا حُجَّة كمثل حاطب ليل، يحمل حُزْمَة حَطَب، وفيه أفعى تَلْدغه، وهو لا يدري (٦). وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يحل لأحد أن يقول بقولنا، حتى يعلم من أين قلناه (٧). وقال أحمد: لا تقلد دينك أحدًا (٨).

[[عودة إلى محاجة دعاة التقليد]]

ويقال: رابع عشر: هل أنتم مُوقِنُونَ بأنكم غَدًا موقوفون بين يدي اللَّه، وتسألون عما قضيتم به في دماء عباده وفروجهم وأبْشَارهم وأموالهم، وعما أفتيتم


(١) تحرف في المطبوع إلى "الران"!
(٢) في المطبوع: "وآثار الصحابة".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٤) في (ق) و (ك): "مناهجهم".
(٥) تصحفت في المطبوع إلى: "وقفتم".
(٦) مضى تخريجه.
(٧) مضى تخريجه.
(٨) مضى تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>