للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صريح القياس لقول (١) الصديق. وقال في رواية الربيع عنه: والبدعة ما خالف كتابًا أو سنةً أو أثرًا عن بعض أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. فجعل ما خالف قول الصحابي (٢) بدعة، وسيأتي إن شاء اللَّه تعالى إشباع الكلام في هذه المسألة، وذكر نصوص الشافعي عند ذكر تحريم الفتوى بخلاف ما أفتى به الصحابة، ووجوب اتّباعهم في فتاويهم، [وأن لا] (٣) يخرج من جملة أقوالهم، وأن الأئمة متفقون على ذلك.

[[ليس مثل الصحابة أحد، وما وافق فيه عمر القرآن]]

والمقصود أن أحدًا ممن بعدهم لا يساويهم في رأيهم، و [كيف يساويهم] (٤) وقد كان أحدهم يرى الرأي فينزل القرآن بموافقته؟ كما رأى عمر [في أَسَارَى] (٥) بدر أن تُضرب أعناقُهم فنزل القرآن بموافقته (٦)، ورأى أن تُحجب نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنزل القرآن بموافقته (٧)، ورأى أن يُتخذ من مقام إبراهيم مصلى فنزل القرآن بموافقته (٨)؛ وقال لنساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما اجتمعن في الغيرة عليه: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ} [التحريم: ٥] فنزل القرآن بموافقته (٩)، ولما توفي عبد اللَّه بن أبيّ قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوبه، فقال: يا رسول اللَّه إنه منافق، فصلى عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأنزل اللَّه


(١) في (ق): "لرأي".
(٢) في (ق): "الصحابة".
(٣) في (ق): "وألّا".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٥) في (ق): "بأسارى".
(٦) سيأتي تخريجه.
(٧) انظر ما بعده.
(٨) و (٩) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب الصلاة): باب ما جاء في القبلة، (١/ ٥٠٤/ رقم ٤٠٢، و (كتاب التفسير) باب قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (٨/ ١٦٨/ رقم ٤٤٨٣)، وباب في سورة الأحزاب (٨/ ٥٢٧/ رقم ٤٧٩٠)، وباب في سورة التحريم (٨/ ٦٦٠/ رقم ٤٩١٦)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب فضائل الصحابة): باب من فضائل عمر -رضي اللَّه عنه- (٤/ ١٨٦٥/ رقم ٢٣٩٩)، والنسائي في "التفسير" (الأرقام ١٨، ٤٣٥، ٦٢٣)، والترمذي في "الجامع" (٤/ ٦٩)، وابن ماجه في "السنن" (١/ ٣٢٢/ رقم ١٠٠٩)، وأحمد في "المسند" (١/ ٢٣ - ٢٤، ٢٤، ٣٦)، والدارمي في "السنن" (٢/ ٤٤)، من قول عمر -رضي اللَّه عنه-.
وقد جمع موافقات عمر وتكلم عليها في رسالة مفردة السيوطي في "قطف الثمر" وهي مطبوعة ضمن "الحاوي للفتاوى"، واعتنى بها عناية جيدة ابن شبة في "تاريخ المدينة"، وذكر طرفًا منها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (ص ٩٧ وما بعدها، ترجمة عمر).

<<  <  ج: ص:  >  >>