للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأتي بمثل ذلك، ونحن لا ننكر أن في ذلك نوع ضرر عليه، لكن رأى احتماله لدفع ضرر الفراق الذي هو أعظم من ضرر البقاء، وما يُنكر في الشريعة من دفع أعلى الضررين باحتمال أدناهما؟

[فصل [الجواب على شبه أصحاب الحيلة السريجية]]

قال الموقّعون: لقد دعوتم الشُّبَهَ الجَفَلَى (١) إلى وليمة هذه المسألة، فلم تَدَعُوا منها داعيًا ولا مجيبًا، واجتهدتم في تقريرها ظانين إصابةَ الاجتهاد، وليس كل مجتهد مصيبًا، ونثرتم عليها ما لا يصلح مثلها (٢) للنثار، وزيّنتموها بأنواع الحلي، ولكنه حُلىٌّ مستعار؛ فإذا استردت العارية زال الالتباس والاشتباه، وهناك (تسمع بالمُعَيْدِيِّ خير من أن تراه) (٣).

فأما قولكم: "أنا ارتقينا مرتقى صعبًا، وأسأنا الظن بمن قال بهذه المسألة" فإن أردتم بإساءة الظن بهم تأثيمًا أو تبديعًا فمعاذ اللَّه! بل أنتم أسأتم بنا الظن، وإن أردتم بإساءة الظن أنَّا لم نصوبهم في هذه المسألة، ورأينا الصواب في خلافهم فيها؛ فهذا قدر مشترك بيننا وبينكم في كل ما تَنَازَعْنا فيه، بل سائر المتنازعين بهذه المثابة، وقد صرح الأربعة الأئمة (٤) بأن الحق في واحد من الأقوال المختلفة، وليست كلها صوابًا (٥).


(١) قال (و): "الجفلى: أي دعاها بجماعتها وعافتها"، ونحوه في (ط) وزاد: "وقد أخذ هذا التعبير من قول الشاعر:
نحن في المشتاة ندعو الجفلى ... لا ترى الآداب فينا ينتقر"
قلت: وانظر: "لسان العرب" (١/ ٦٤٣).
(٢) في (د) و (ك) و (ق): "مثله".
(٣) مثل يضرب فيمن شهر ذكره، وتزدري مرآته.
ومعيدي: تصغير مَعَدِّي -بفتح الميم والعين وكسر الدال مع تشديدها-" (و).
وانظر: "جمهرة الأمثال" (١/ ٢٦٦)، "الأمثال" (٩) للضبي، "الفاخر" (٦٥)، "فصل المقال" (١٢١) "مجمع الأمثال" (١/ ٨٦)، "المستصفى" (١٤٨) "اللسان" (معد).
(٤) في (ق): "الأئمة الأربعة".
(٥) وهذا هو الحق، فالمجتهدون منهم المصيب وله أجران، ومنهم المخطئ, وله أجر واحد، فالحق أن الحق واحد لا يتعدد، وانظر هذه المسألة في "الإحكام في أصول الأحكام" (٤/ ١٨٩)، و"المستصفى" (٢/ ٣٦٣)، و"المحصول" (٦/ ٣٣ - ٦٥)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>