للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتفع (١)، والأذان للصبح قبل الفجر، وتثنيه الأذان وإفراد الإقامة، والخطبة بالقرآن وبالسنن دون الخطبة الصناعية وبالتسجيع والترجيع التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فهذا النقل وهذا العمل حجة يجب اتّباعها، وسنّة متلقاة بالقبول على الرأس والعينين، وإذا ظفر العالم بذلك قَرَّت به عينُه، واطمأنت إليه نفسُه.

[فصل [العمل الذي طريقه الاجتهاد]]

وأما العمل الذي طريقه الاجتهاد والاستدلال فهو معترك النزال ومحل الجدال، قال القاضي عبد الوهاب (٢): وقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه ليس بحجة أصلًا، وأن الحجة هي إجماع أهل المدينة من طريق النقل، ولا يُرجَّح به أيضًا أحد الاجتهادين على الآخر، وهذا قول أبي بكر (٣)، وأبي يعقوب الرازي، والقاضي أبي بكر بن منتاب (٤)، والطيالسي والقاضي أبي الفرج والشيخ أبي بكر الأبهري (٥)، وأنكروا أن يكون هذا مذهبًا لمالك أو لأحد من معتمدي أصحابه.

والوجه الثاني: أنه وإن لم يكن حجة فإنه يُرجَّح به اجتهادهم على اجتهاد غيرهم، وبه قال بعض الشافعية (٦).

والثالث: أن إجماعهم من طريق الاجتهاد حجّة وإن لم يحرم خلافه،


(١) انظر: "بدائع الفوائد" (٤/ ٧٤ - ٧٥).
(٢) في كتابه "أصول الفقه"، كما صرّح به ابن تيمية في "صحة أصول أهل المدينة" (٣٣)، ونقل القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (١/ ٤٧ وما بعد) والزركشي في "البحر المحيط" (٤/ ٤٨٥) والقرافي "نفائس الأصول" جلَّ هذا النقل عنه، وانظر: "عمل أهل المدينة" (ص ٨٨ وما بعد).
(٣) هو أبو بكر القاضي، محمد بن الطبب الباقلاني (المتوفى ٤٠٣ هـ) الملقّب بشيخ السنة، من رؤساء المذهب المالكي، له مصنفات كثيرة، ترجمته في "الديباج" (٢٦٧)، و"شذرات الذهب" (٣/ ١٦٨) ثم وجدته في "ترتيب المدارك" (١/ ٥٠): "ابن بُكير" وهو الصواب واللَّه أعلم.
(٤) كذا في المطبوع، وهو الصواب وفي (ن): "ابن مساب".
(٥) وهذا الذي صححه الباجي في "إحكام الفصول" (٤٨٢).
(٦) في المطبوع: "بعض أصحاب الشافعي" وقال القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (١/ ٥١): "ولم يرتضه القاضي أبو بكر [الباقلاني]، ولا محققوا أئمتنا ولا غيرهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>